صحة حديث رمضان أوله رحمة ابن باز، وهو الذي يعد من أكثر الأحاديث تداولا حول حلول شهر رمضان الكريم، والعديد من الناس يؤمنون في ذلك الحديث، مع إن غالبية البشر لا يعلمون صحة هذا الحديث، وهل ذلك الحديث ضعيف أو قوي، ولمعرفة صحة ذلك الحديث لا بد من الغوص في بعلم الأحاديث وإسنادها، وعبر فقرات هذا المقال نود ان نتعرف على صحة حديث رمضان أوله رحمة ابن باز، الى جانب هذا سنذكر نص الحديث، وما الحكم منه، وما هو ليل ضعفه مع الأدلة الشرعية.
نص حديث رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة
إن نص ذلك الحديث هو: {شهر رمضان أوَّله رحمة، وأوسَطه مغفرة وآخِره عتق من النار}.
حيث يعد واحد من بين أبرز من حديث معروف جداً، ويتم نشره بين الناس، لكن كل تلك الأحاديث مصنفة من درجة: لا تصح، ضعيفة، ما بين باطل وموضوع، ومن ضمن تلك الأحاديث المنتشرة التي تحمل نفس تلك الدرجة ما يلي:
- صوموا تصحُّوا.
- لو يعلم العِباد ما في رمضان، لتمنّت أمتي أن يكون رمضان السَّنة كلها، إنَّ الجنة لتتزين لرمضان من رأس الحَول إلى الحول ……إلخ.
- اللهمَّ بارك لنا في رجب وشعبان، وبلِّغنا رمضان.
- مَن أدركه شهر رمضان بمكة فصامه، وقام منه ما تيسَّر، كتَب الله له صيام مئة ألف شهر رمضان في غير مكة، وكان له كل يوم حملان فرس في سبيل الله، وكل ليلة حملان فرس في سبيل الله، وكل يوم له حسنة، وكل ليلة له حسنة، وكل يوم له عتق رقبة، وكل ليلة له عتق رقبة.
شاهد أيضًا:صحة حديث من نشر موعد رمضان حرمت عليه النار
صحة حديث أوله رحمة وأوسطه مغفرة ابن باز
إن صحة ذلك الحديث وفق ما ورد عن ابن باز هو حديث ضعيف، ليس له أساس من الصحة، ومنذ وقت بعيد تم نشر ذلك الحديث أن شهر رمضان المبارك ينقسم إلى ثلاثة أقسام أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، وذلك لأن رحمة الله واسعة تطال العبادة خلال جميع أيامهم، ولا تقتصر على أوائل عشرة أيام خلال رمضان فقط، ففي كل الأيام نحن نحيا تحت رحمة الله سبحانه وتعالى، ولا تقتصر مغفرة الله سبحانه وتعالى لعباده التوابين علي ثاني عشر أيام من رمضان فقط، إنما يغفر لعباده ذنوبهم في جميع الأوقات.
شاهد أيضًا:صحة حديث ليلة النصف من شعبان ترفع الاعمال الا المتخاصمين
دليل ضعف حديث أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار
حيث هناك دليلين لضعف ذلك الحديث، والدليلين هما على النحو التالي:
- انقطاع: أن سعيد بن المسيب لن يسمع من سلمان الفارسي.
- السند: يضم عبدالله بن جدعان، وقد قال البخاري عنه بأنه لا يحتج به، ورد أن سنده فيه إياس، وبناء على رأي عدد من العلماء ليس بشيء، بينما عن الرازي فقد حكم عليه أنه بمنكر.
تجدر الإشارة الى أن ذلك الحديث يحتوي على عدد من الألفاظ غير الصحيحة، فرحمة الله لا تقسم، ولا تقتصر على عشرة أيام فقط، وهي العشر الأوائل من رمضان، ومغفرة الله لا تقتصر على ثاني عشرة أيام خلال الشهر، والله يعتق رقاب عباده التائبين من النار دائما لأنه غفور رحيم بعباده بكل يوم وليلة.
حكم رواية حديث أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار
إن حكم رواية أو نشر أو قول أي حديث من الأحاديث الضعيفة والمنكرة حرام، ولا يجوز في الشرع نشر أي حديث التي تحمل ذات درجة ذلك الحديث، والدليل على ذلك لما ورد عن حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال: {من كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ}.
وذلك الحديث حديث طويل جداً تم تبويبه تحت معرف ن صح الخبر من قبل ابن خزينة، ويعتبر دليل آخر عن ضعف الحديث، والحديث هو عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: خَطَبَنَا نبي اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ، فَقَالَ:
{أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، جَعَلَ اللَّهُ صِيَامَهُ فَرِيضَةً، وَقِيَامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعًا. مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنَ الْخَيْرِ، كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرِيضَةً، كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَهُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ، وَالصَّبْرُ ثَوَابُهُ الْجَنَّةُ، وَشَهْرُ الْمُوَاسَاةِ، وَشَهْرٌ يَزْدَادُ فِيهِ رِزْقُ الْمُؤْمِنِ، مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِمًا كَانَ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ، وَعِتْقَ رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ”، قَالُوا: لَيْسَ كُلُّنَا نَجِدُ مَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ. فَقَالَ: “يُعْطِي اللَّهُ هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى تَمْرَةٍ، أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ، أَوْ مَذْقَةِ لَبَنٍ، وَهُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ، وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ، مَنْ خَفَّفَ عَنْ مَمْلُوكِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَأَعْتَقَهُ مِنَ النَّارِ. وَاسْتَكْثِرُوا فِيهِ مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: خَصْلَتَيْنِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ، وَخَصْلَتَيْنِ لَا غِنًى بِكُمْ عَنْهُمَا، فَأَمَّا الْخَصْلَتَانِ اللَّتَانِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ: فَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَتَسْتَغْفِرُونَهُ. وَأَمَّا اللَّتَانِ لَا غِنًى بِكُمْ عَنْهُمَا: فَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَتَعُوذُونَ بِهِ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ أَشْبَعَ فِيهِ صَائِمًا، سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لَا يَظْمَأُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ}.
شاهد أيضًا:فأروا الله من أنفسكم خيرا ما مدى صحة حديث وهل هو ضعيف
شرح حديث أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار
إن شرح ذلك الحديث أن شهر رمضان المبارك يتم تقسيمه إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول هو أول عشرة أيام من رمضان، ويصدر عليهم اسم أيام الرحمة، والجزء الثاني يعد ثاني عشرة أيام من رمضان، ويصدر عليها اسم أيام المغفرة، والجزء الثالث من رمضان آخر عشرة أيام من رمضان ويصدر عليها اسم أيام العتق من النار، وهذا غير صحيح فرحمة ومغفرة الله وعتقه رقاب العباد لا تنحصر على أيام محددة خلال شهر رمضان، إنما تطال الشهر كله وجمع أيام السنة.
وبهذه المعلومات نكون قد تعرفنا على صحة حديث رمضان أوله رحمة ابن باز، الى جانب هذا ذكرنا دليل ضعف حديث أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، وشرح معانيه، الى جانب هذا تعرفنا على حكم ضعفه مع الأدلة.