هل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام، لقد خلق الله تبارك وتعالى الإنسان في أحسن تقويم، وسخر له الكون لينعم بخيراته، ونعمه، فيتنقل الإنسان مسافرا بين البلاد لأغراض عدة منها السياحة، والاستجمام، والتعرف على ثقافات الشعوب الأخرى، ومنها ما يكون لغرض العلاج، أو لطلب العلم، وقد يستغرق السفر وقتاً طويلاً، وربما احتاج الإنسان الإقامة في بلد آخر ليصل الإنسان إلى وجهته، وقد أباح الله تبارك وتعالى القصر، والجمع بين الصلوات الرباعية فقط، وذلك بهدف التيسير على المسافر في أداء العبادة، وتخفيفاً عن نفسه من ألم الفراق، والابتعاد عن الوطن، فهل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام.
هل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام
إنما جعل الله تبارك وتعالى الجمع، والقصر في الصلوات رخصاً أباحها الله عز وجل للمسافر، حيث يقول الله عز وجل في منزل التحكمي: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا}، ويكون القصر والجمع في الصلاة الرباعية فقط دون غيرها، أما في صلاة النافلة فتقتصر الصلاة على نافلة الفجر، وسنة الوتر فقط، فهل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام.
- وبحسب قول الإمام ابن باز بأن المسافر في حال بأن الشخص إذا عزم السفر، والإقامة آكداً في البلد الذي سافر إليه أربعة أيام فأقل، مثل سفره إلى مصر والإقامة بها أربعة أيام، أو أقل، فيباح له أن يقصر في الصلاة، وهو أن يصلي الصلاة الرباعية اثنتين، فيقصر في صلاة الظهر اثنتين، وكذلك في يفعل في صلاة العصر يصليها اثنتين، وكذا صلاة العشاء يصليها اثنتين.
- وفي حال كان المسافر قد نوى أن يقيم في البلد الذي سافر إليه أكثر من أربعة أيام بعكس القول، كأن يقيم خمسة أيام، أو أكثر من ذلك، فإنه صلي الصلاة الرباعية أربعاً، وذلك لأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد أقام في حجة الوداع في مكة المكرمة أربعة أيام، حيث إنه كان يقصر الصلاة فيها، فقد وفد إلى مكة المكرمة في اليوم الرابع من ذي الحجة، وفي اليوم الثامن من ذي الحجة ذهب إلى منى، فكانت إقامته صلى الله عليه وسلم أربعة أيام، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقصر الصلاة فيها، وهكذا يكون حال المسافر في حال كانت إقامته مثل إقامة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة في حجة الوداع، وقصره للصلاة فيها.
- أما قول العلامة الشيخ ابن الباز رحمه الله عن الجمع بين الصلوات، بين صلاة الظهر، والعصر، وما بين صلاة المغرب، والعشاء، فالأحرى له، والأفضل أن يترك الجمع بين الصلوات في حال كان مقيماً، أما في حال كونه يحتاج إلى الجمع بين الصلوات، له أن يجمع، أو في حال كانت إقامته قصيرة يسيرة في مكان إقامته، ثم أكمل سفره مرتحلا عن مكان إقامته القصيرة، وكان ذلك بعد زوال الشمس، فله أن يجمع بين صلاة الظهر، وصلاة العصر جمع تقديم، أو كان مسافراً قبل غروب الشمس فإنه يقوم بتأخير صلاة المغرب مع صلاة العشاء جمع تأخير، أو كان مسافراً ومرتحلاً قبل زوال الشمس فله أن يؤخر صلاة الظهر مع صلاة العصر جمع تأخير، لأنه أرحم بحاله، هذا والله تعالى اعلى وأعلم.