تفسير المال والبنون زينة الحياة الدنيا، القرآن الكريم كلام الله المنزل على خاتم النبيين سيد محمد صلى الله عليه وسلم، وإن التأمل والتدبر في كتاب الله من أسباب زيادة الإيمان عند الإنسان، وتفسير الآيات الكريمة في القرآن لها عدة ضوابط وقواعد ثابتة لكي يتسنى للإنسان الوصول لمعناها الصحيح، الذي أراده الله عز وجل، كما ويذكر أهل العلم أن في القرآن أسرار كثيرة معجزة لايعلم حقيقتها إلا الله عز وجل، وفيما يلي سنتعرف على تفسير المال والبنون زينة الحياة الدنيا بالتفصيل.
المال والبنون زينة الحياة الدنيا في أي سورة
أنزل الله القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة الوحي جبريل، وتضمن المصحف الشريف العديد من السور والآيات الكريمة، ولكل منها مناسبة وسبب للنزول، وقد جُمعت السور بترتيب معين اذ بدأ بسورة الفاتحة وانتهي بسورة الناس، وبهذا فقد جاءت آية “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلً” في سورة الكهف الآية 46، في الجزء الخامس عشر.
شاهد أيضاً: تفسير سورة انا انزلناه في ليلة القدر
تفسير المال والبنون زينة الحياة الدنيا
قال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}
هذه الآية من سورة الكهف، حيث يقول الله عز وجل في كتابه العظيم: أيها الناس إن المال والبنون اللذان تتفاخران بهما وتتكبران بهما على غيركما ماهما إلا أشياء تتزينون بهما في الحياة الدنيا، وليس لهما من عدادٍ في الآخرة، وأن ما يقوم به الناس من الأعمال الصالحة، من طاعات خالصة لله عز وجل، ودعاء متوجه لله جل وعلا لايريدون به إلا وجهه، فهي الباقية عند الله بعد انتهاء الحياة، فيخاطب الله عز وجل نبيه الأكرم أن يامحمد إن هذه الأعمال الصالحة هي خيرٌ عند ربك من المال والبنين اللذان يتفاخران بهما المشركون، فهي مفاخرة زائلة وليس باقية لأصحابها.
ولقد تعددت أقوال العلماء في تفسير الباقيات الصالحات، فمنهم من قال أن المقصود بالباقيات الصالحات هي التسبيح وهي أن يردد الإنسان قول سبحان الله، والحمدلله، والله أكبر، ولاإله إلا الله، ويرى آخرون في تفسير الباقيات الصالحات بأنها الصلوات الخمس، وفي الختام أن الباقيات الصالحات هي الجزاء وهي خير ما يأمله الإنسان.
شاهد أيضاً: تفسير آية الرجال قوامون على النساء
المال والبنون زينة الحياة الدنيا تفسير الشيخ الشعراوي
إن المال والبنون هما من زينة الحياة الدنيا وزخرفها، فإن الإنسان يستطيع أن يعيش دون مال ودون أولاد، حيث يعيش بقيمٍ تعطيه الخير والرضا الذي يجعله في رضاً دائم عن خالقه، ويذكر الإمام الشعراوي أن المال والبنون لن يدخلا مع الإنسان القبر، ولن يمنعا عنه العذاب، وما ينفع الإنسان حقاً بعد انقضاء حياته هي الباقيات الصالحات، وهي ماصلح من أعمال الإنسان الذي أراد بها وجه الله، فإن المال والبنون لا يمثلان ضرورة من ضروريات الحياة، وأن ضروريات الحياة هي كل ما تزرعه في الحياة الدنيا من أعمال صالحة لتجنيها في الآخرة، أي الحياة الدنيا هي وسيلة لحياة باقية ودائمة ومسعدة، لاينتهي فيها النعيم ويتركك، ولا تنتهي انت من النعيم وتتركه، إذن فضروريات الحياة هي الدين، والمنهج الإسلامي، والقيم الصحيحة التي تنظم الحياة وفق ما أراد الله، ومعنى الباقيات أن ماقبلها ليس من الباقيات وهو زائل ويزول بزوال الدنيا، ثم قال الصالحات ليفرق بينها وبين الباقيات السيئات التي تخلد الكافرين في جهنم، وقوله خير عند ربك، أي أن كل مضاف يأتي على قوة المضاف إليه، فخير انت غير خير من هو أغنى منك، فخيرك يختلف عن خير الملك، فما بالك بخير الله الذي يسعى إليه الإنسان ويأمل بالوصول إليه، وكل ماورد يبين لنا أن هذه الحياة الدنيا زائلة، وأننا سنذهب إلى حياة باقية، لذلك أردف الله عز وجل الباقيات الصالحات بما يناسبها.
شاهد أيضاً: تفسير حلم سورة البقرة وقراءتها في المنام لابن سيرين والعصيمي
لماذا قدم الله عز وجل المال على البنين
لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم تفسير لتقديم المال على البنين، ولكن هناك اجتهادات للأئمة الفقهاء في ذلك، والتي كان أبرزها أن تقديم المال على البنين لأن المال في زينته عام في المخاطب بخلاف البنين، فكل إنسان يمكن أن يكون لديه مال وإن قلّ، أما البنون فهذه تكون خصوصية لأن بعض الناس قد حُرم منها، كما أن البنين لا يأتون إلا بالمال، لأن الإنسان يحتاج لأن يتزوج ولا يتم الزواج إلا بإنفاق المال، فزينة المال هي زينة عامة لبقاء النفس، أما زينة البنين فهي زينة حصرية للآباء لبقاء النوع، كما أن وجود الأبناء مع قلة المال يعد ضيق في الحال.
الى هنا نكون قد وصلنا واياكم الى ختام مقالنا الذي تحدثنا خلاله عن تفسير المال والبنون زينة الحياة الدنيا بالتفصيل.