موضوع عقوق الوالدين أسبابه وأضراره وآثاره، عقوق الوالدين موضوع ذو أهمية كبيرة، وقد أولاه الإسلام مكانة، وذكره الله تعالى في كتابه العزيز، وأمرنا رب العزة ببر الوالدين وطاعتهما، ونهانا عن عقوقهما، أو قول أف لهما، بل أن بر الوالدين له فضل كبير على الترابط الأسري، وجعل الله له جزاءً عظيماً، فقد جعل الجنة تحت أقدام الأمهات، وأمر الأبناء بطاعتهم في كل شيء إلا غضب الله ومعصيته؛ في هذه المقالة نتحدث عن موضوع عقوق الوالدين أسبابه وأضراره وآثاره.
موضوع عقوق الوالدين
موضوع عقوق الوالدين، عقوق الوالدين إثم كبير ومصية لأوامر الله تعالى، فقد أمرنا الله تعالى ببر الوالدين، والبعد عن عقوقهما، كما جعل برهما ذو فضل عظيم، فهما عاليا القدر عند رب البشر، وعقوق الوالدين يدل على عصيان أوامر الله، والبعد عن رضاه، كما أن عقوق الوالدين له أشكال عديدة، فيجب على المسلم أن يبتعد عن عقوق الوالدين بكل أشكاله لينال رضا الله، فضلاً عن إيجابيات وثمرات بر الوالدين التي تعود على الإنسان المسلم، فما عقوق الوالدين إلا قطيعة وشق في العلاقات الأسرية، وغضب لله عز وجل، فضلاً عن أن عقوق الوالدين يكون في عدم طاعتهم فيما يرضي الله ولا يغضبه، أما إن لم يطع المسلم أمر والديه في أمر يغضب الله فهذا ليس بعقوق، فالشرط الأساسي لطاعة الوالدين هو فيما يرضي الرب المعبود خالق هذه الأنفس ومن أمر بطاعة الوالدين وعدم عقوقهما إلا فيما يغضبه.
شاهد أيضاً: انشاء عن بر الوالدين وواجبنا نحوهما
أشكال عقوق الوالدين
أشكال عقوق الوالدين، إن لعقوق الوالدين عدة أشكال لابد من الانتباه لها، فقد يقوم المسلم بفعل تلك الأشياء دون أن يقصد، أو يعلم أنه عقوق، ومن أشكال عقوق الوالدين:
- إنكار الأبوة، والتبرؤ من الوالدين، ومحاولة التكبر عليهم بأي شكل من الأشكال.
- إيذاء الوالدين جسدياً أو حتى نفسياً.
- التعدي عليهما باللفظ كالشتم، أو قول أقوال بذيئة سيئة.
- التعدي بالضرب.
- التحدث عن الوالدين أو أحدهما بسوء أمامهم أو حتى من وراء ظهورهم.
- السخرية من الوالدين، أو التهكم من كلمة خرجت منهما.
- عدم طاعتهم في أي أمر، أو قول أف لهما.
- عدم مد يد العون والمساعدة لهما عند الحاجة، وعدم رعايتهما في كبرهما.
- توجيه الانتقاد لهما بشكل مستمر.
شاهد أيضاً: تعبير عن بر الوالدين قصير جدا وكامل
أسباب عقوق الوالدين
أسباب عقوق الوالدين، في الغالب يكون هناك أسباب لعقوق الوالدين، فالعقوق لا يكون بشكل مفاجئ، بل أنه متأصل في النفس، إلا من رحم ربي، ونذكر هنا الأسباب التي تجعل من المسلم عاق لوالديه:
- عدم تربية الأبناء منذ الصغر على مبادئ الدين الإسلامي، وما أمر الله تعالى به من طاعة الوالدين وبرهما.
- ابتعاد الأبناء عن قراءة القرآن والتفقه في الآيات التي أمر الله تعالى فيها ببر الوالدين وعدم عقوقهما.
- أصدقاء السوء، الذين لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر.
- تدليل الأبناء بشكل زائد عن الحد، والسماح لهم في صغرهم بالغلط على الآباء أو ضربهم، فيشبون على ذلك.
- جهل الأبناء بعقوبة عقوق الوالدين واستخفافهم بالأمر.
- السلوكيات الخاطئة كالإدمان مما يجعل الابن عاق ووقح وجرئ على والديه لأنه مغيب العقل.
- تربية الأبناء على الخوف من الخالق لا المخلوق، وتوضيح العقاب، والترغيب في الطاعة.
- كما إن كان الآباء من العاقين لآبائهم سيسقون من نفس الكأس التي سقوا منها آبائهم.
شاهد أيضاً: خطبة عن بر الوالدين مكتوبة كاملة
أضرار عقوق الوالدين
أضرار عقوق الوالدين، ينعكس عقوق الوالدين على الحياة الاجتماعية والأسرية، ويؤثر سلباً على الحياة بين أفراد الأسرة، وله العديد من الأضرار، ونذكرها هنا:
- أضرار عقوق الوالدين التفكك الأسري.
- التباعد بين الآباء والأبناء.
- اتباع الأبناء لأهوائهم ووقوعهم في المعاصي والمشاكل، لأنهم لا يطيعون الوالدين فلا يستمعون لنصائحهم وإرشاداتهم.
- كثرة المشاكل الأسرية.
- البعد عن الدين وضياع الأبناء وغرقهم في الذنوب.
آثار عقوق الوالدين في الدنيا
آثار عقوق الوالدين في الدنيا، هناك الكثير من الآثار السلبية التي تظهر على من يرتكب عقوق الوالدين، وهذه الآثار تظهر في الدنيا، وهي مختلفة عن عقوبة الآخرة، ومن آثار عقوق الوالدين في الدنيا:
- قلة الرزق، ويعاني من إقفال الأبواب في وجهه.
- التعثر دائماً في كل أمر.
- قلق دائم، وعدم راحة بال.
- سواد عيش، وعدم توفيق.
- شقاء دائم مصاحب للعاق.
- لا استجابة لدعائه والله تعالى أعلى وأعلم.
- ينفر منه كل من حوله.
- يغضب عليه الله فيبغضه، وينزع محبته من قلوب الخلائق.
عقوبة عقوق الوالدين في الآخرة
عقوبة عقوق الوالدين في الآخرة، إن عقوق الوالدين يكون في معصية أمر فيه لله مرضاة ويرفضه الأبناء، أما عدم طاعة الوالدين ومعصيتهم في أمر يغضب الله فهو ليس من العقوق، ولكن يجب الرأفة أيضاً بالوالدين وعدم قول أف لهما؛ نضع هنا عقوبة عقوق الوالدين في الآخرة:
- غضب من الله عليه في الآخرة ولا يرضى عنه إلا إن تاب واستغفر الله.
- لا ينظر الله له كما ينظر لباقي المؤمنين وإن أدخله عمله الآخر الجنة.
آيات بر الوالدين
آيات بر الوالدين، ولعظيم مكانة بر الوالدين عند الله والبعد عن عقوقهما، فقد ذكر الله تعالى بر الوالدين في كتابه العزيز الذي أنزله على نبيه الحبي صل الله عليه وسلم، وخص بالذكر الأم لأنها تكون الحلقة الأضعف، فقد يخشى الأبناء سطوة أبيهم فيطيعونه وإن لم يكن من باب البر، ولكن الكثير من الأبناء يستضعف الأم فيتجرأ عليها، فيكون هذا عقوق واضح لها، كما أن فضل الأم على الأبناء كبير لا سيما الحمل لتسعة أشهر ومعاناة الآلام والوهن والمخاض؛ نضع هنا آيات بر الوالدين:
- قال تعالى: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا”.
- كما قال الله عز وجل: “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ”.
- وقوله رب العزة: “وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ”.
- قال تعالى: “وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا”.
- وقوله رب العباد تبارك وتعالى: “قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا* وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا”.
- قال تعالى: “قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ”.
- كذلك قوله تعالى: “رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا”.
- وقول عز وجل: “وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”.
أحاديث عن بر الوالدين
أحاديث عن بر الوالدين، كما حثنا النبي صل الله عليه وسلم في أحاديثه الشريفة على بر الوالدين والبعد عن عقوقهما، وقد ورد العديد من أحاديث عن بر الوالدين، والتي نذكرها في هذه الفقرة:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أَبُوكَ. وفي حَديثِ قُتَيْبَةَ: مَن أَحَقُّ بحُسْنِ صَحَابَتي وَلَمْ يَذْكُرِ النَّاسَ”.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ”.
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَنِي”.
- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: “جاءَ أعْرابِيٌّ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما الكَبائِرُ؟ قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: ثُمَّ عُقُوقُ الوالِدَيْنِ قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: اليَمِينُ الغَمُوسُ قُلتُ: وما اليَمِينُ الغَمُوسُ؟ قالَ: الذي يَقْتَطِعُ مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، هو فيها كاذِبٌ”.
- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: “أَقْبَلَ رَجُلٌ إلى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَ: أُبَايِعُكَ علَى الهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، أَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ، قالَ: فَهلْ مِن وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قالَ: فَتَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَارْجِعْ إلى وَالِدَيْكَ فأحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا”.
وبهذا نكون قد وصلنا لختام هذه المقالة حيث تحدثنا بين سطورها عن موضوع عقوق الوالدين أسبابه وأضراره وآثاره.