موضوع عن الحلم والأناة، يعد الحلم من المفاهيم التي يعني به الصبر، حيث ان الحلم صفة من صفات الله سبحانه وتعالى، وهذه الصفات الحلم والأناة من الصفات التي يجب ان يتصف بها الإنسان المسلم ولأن الله حثنا عليها في كتابه الكريم ودعا الى اليها لانها تقي الإنسان من افتعال الغضب، والمجتمع الحالي يفتقر الى تلك الصفات في الوقت الحالي لا بد من الحض عليها ومعرفة معناها وفوائدها وفضائلها على الفرد والمجتمع وعند الله تعالي، وفي سياق طرح السطور نو اد نتعرف على مفهوم كل من الحلم والأناة، الى جانب ذكر الفوائد والفضائل التي تعود على الفرد والمجتمع.
ما هو تعريف الحلم
إن الحلم اصطلاحا هو أن يملك الفرد المسلم نفسه خلال لحظة الغضب، فإذا حدث غضبٌ وهو قادر على العقاب، فإنّه يَحْلم ولا يعاقب، أي غرس شعور الطمأنينة عند الغضب وضبط النَّفس والطبع في تلك اللحظة، يعتبر الحلم والحليم صفة من صفات الله عز وجل والذي يمثل ثبات نفس وقلب المسلم وعدم الإثارة والهيجان.
يعتبر اسم الحليم اسما من أسماء الله الحسنى، حيث يقصد به أن الله عز وجل قد رأى معصية الإنسان ، وشهد على مخالفة أوامره وطبق النهي عليه ، ولكن الله حليم، وذكر اسم الحليم في كتاب الله عز وجل لقوله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) ، كذلك أن الحليم من صفات الأنبياء وحيث ذكر هذا في وصف سيدنا إبراهيم عليه السلام في قول الله عز وجل (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ).
ما هو تعريف الأناة
إن الأناة هي عبارة عن التّأنّي والسلامة في الأمور وعدم العجلة، وألَّا يأخذ الفرد المسلم الأمور بظاهرها فيتعجل ويصدر الحكم على الشَّيء قبل أن يتأنَّى فيه وينظر، أي المقصود هن أن يضبط الفرد نفسه ومشاعره خلال فترة الغضب في مواجهة الإساءة من الأخرين والعمل على رضا الله، حيث ان تلك السيطرة على مشاعر الغضب تعطي الفرد الحليم فرصة من أجل التدبر والتفكير بهدوء ويرد الإساءة بالطريقة المناسبة والسليمة، وإما أن يقابلها بالعفو والسماح بمنطلق الأخلاق السامية والرفيعة التي حث عليها الدين الإسلامي.
ما هو فضل الحلم والأناة على الفرد والمجتمع
يعتبر الحلم والأناة كلاهما من الصفات التي تفتقر اليها المجتمعات العربية في الوقت الحالي، وقد ذكر الله سبحانه و وتعالى في كتابه الكريم (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) وهنا توضيح الآية الكريمة السيطرة على الغضب عند الغضب ومحاولة بث الطمأنينة والهدوء، فحتما أنه سوف يؤدي الى عواقب وتزيد الفتنة والمشاكل والإساءة ما بين الطرفين، حيث أن الغضب جزء من الجنون، لأن الفرد من الممكن ان يفتعل أشياء لا يدركها، وبعد ذلك يشعر بالندم على فعلها، ومن الأفضل هنا عدم الندم على أفعال الغضب، وهنا كما ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من حلم ساد، ومن تفهم ازداد) كذلك ذكر في قول الرسول عليه السلام (إن الله يحب الحليم الحيي، ويبغض الفاحش البذيء).
ما هي فوائد الحلم والأناة
إن الحلم والأناة من الصفات الكريمة والسامية والعالية في المجتمع الأخلاقي والذي يتصف أفراده بالإتزانية في الدين الحنيف، حيث تعتبر كل منهما كنز ثمين لمن يتصف بها لأنهما من صفات الخالق سبحانه وتعالى، حيث أن كل من الحلم والأناة تعود بالعديد من الفوائد على الفرد نفسه والمجتمع ومن أهم هذه الفوائد نذكر:
- صفة الحلم والأناة دليل للكمال العقلي واتساع الصدر وامتلاك الروح.
- يلتزم الإنسان بتوفيق قلوب الناس وبث المحبة بين الناس.
- كذلك ن يتف بالحلم والأناة يزيل الحقد بين الناس ويمنع الغيرة.
- الشخص الحليم يكون عنده قدرة على التحكم في كافة انفعالاته وتصرفاته ، وجاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال الرسول صلى الله عليه وسلم (ليس الشَّديد بالصُّرَعَة، إنَّما الشَّديد الذي يملك نفسه عند الغضب).
الطرق التي من خلالها اكتساب صفة الحلم والأناة
هناك العديد من الطرق والوسائل التي يمكن الارتكاز عليها واتباعها من أجل ان يكون الفرد متصف بتلك الصفات لكل من الحلم والأناة ومن أهم هذه الطرق نذكر:
- يجب على الفرد المسلم أن يدرك إن الله حليم على عبادة ، كذلك أن لله سبحانه يعتبر من صفاته أنه كثير الحلم ، فإنه يكون على علم بمعصية المسلم ولكن الله يكون حليم، وذكر في قوله تعالى (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ).
- يجب أن يكون الفرد المسلم على معرفة بالجزاء والعقاب الذي يعود عليه من الله للعافين عن الناس والكاظمين الغيظ، حيث ذكر هذا في كتاب الله لقوله تعالي (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين).
- يجب على الإنسان المسلم أن يكون رحيم بالجاهلين، حيث ذكر هذا في حديث أنس بن مالك حينما قال (بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابيٌّ، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزرموه، دعوه». فتركوه حتى بال، ثمَّ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه، فقال له: «إنَّ هذه المساجد لا تصلح لشيء مِن هذا البول ولا القذر، إنَّما هي لذكر الله عزَّ وجلَّ، والصَّلاة، وقراءة القرآن». أو كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فأمر رجلًا مِن القوم فجاء بدلوٍ مِن ماء فشنَّه).
- عدم رد الإساءة بالإساءة وقت الغضب، والتي تبرز احترام الذات والطاقة السلبية، حيث جاء في قول جابر بن عبد الله رضي الله عنه: ( غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة نَجْدٍ، فلمَّا أدركته القائلة وهو في واد كثير العِضَاة (العضاة: كل شجرة ذات شوك)، فنزل تحت شجرة، واستظلَّ بها وعلَّق سيفه، فتفرَّق النَّاس في الشَّجر يستظلُّون، وبينا نحن كذلك إذ دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئنا، فإذا أعرابيٌّ قاعد بين يديه، فقال: (إنَّ هذا أتاني وأنا نائمٌ، فاخترط سيفي فاستيقظت وهو قائمٌ على رأسي مخترطٌ صلتًا)، قال: مَن يمنعك مني؟ (قلت: الله. فشَامَه ثمَّ قعد، فهو هذا)، قال: ولم يعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- التفضيل على الإنسان المسيء وقد جاء هذا من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، حيث قال: (كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه بردٌ نجرانيٌّ غليظ الحاشية، فأدركه أعرابيٌّ، فجبذه بردائه جَبْذَةً شديدةً، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثَّرت بها حاشية البُرْد مِن شدَّة جَبْذَته، ثمَّ قال: يا محمَّد! مُرْ لي مِن مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ ضحك، ثم أمر له بعطاء).
إن الحلم والأناة صفات وأخلاق من أشرف الأخلاق والصفات التي لا بد أن يتصف بها الفرد المسلم في حياته، فأصحاب تلك السمات تتصف قلوبهم بالسكينة والتسامح والعفو وتكون متعلقة بالله سبحانه وتعالى، والى هنا نصل الى ختام هذه المقالة والتي تناولنا الحديث عن موضوع عن الحلم والأناة وفوائدهم.