بحث عن حقوق الوالدين على الابناء، للوالدين في الاسلام مكانةٌ ومنزلةٌ كبيرة، حيثُ ذكرت الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في بر الوالدين واكرامهما والإحسان اليهما، فللوالدين كل الفضل في كلِّ شيء، ولهما العديد من الحقوق على أبنائهم الذين تحملوا الألم والعناء والمشقة في سبيل تربيتهم ورعايتهم، ولمن يبحثُ عن حقوقِ الوالدين، فإننا سنكتبُ بحث عن حقوق الوالدين على الابناء نوضح فيه كلّ الحقوقِ الواجبة.
حقوق الوالدين على الابناء
قال تعالى:( (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)، كما جاءت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة في الحديثِ عن حقوق الوالدين وبرهما والإحسانَ اليهما، حيثُ أنّه روي عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّ رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- قد قال: (سألت النبي صلّى الله عليه وسلّم: أي العمل أحبّ إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قال: ثمّ أي؟ قال: ثمّ برّ الوالدين. قال: ثمّ أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قال: حدثني بهنّ، ولو استزدته لزادني)، فأول حقوق الوالدين على الأبناء هو برّهما وطاعتهما والاحسان اليهما، حيثُ أنّ الاسلام جعلَ عقوقِ الوالدين هو واحداً من أكبر الكبائر التي تُدخل صاحبها النار، حيثُ جاء في حديثِ رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال ثلاثاً، قَال: الإشراك باللَّه، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزّور، وشهادة الزور، ألا وقول الزّور، وشهادة الزّور، فما زال يقولها حتى قلت: لا يسكت)، وتتمثلُ حقوقَ الوالدين على الأبناْ في الآتي:
- يجبُّ على الأبناءِ طاعة الوالدين والاحسان اليهما، حيثُ جعل الله جلّ جلاله طاعة الوالدين والاحسان اليهما وعدم التأفف في القولِ حتى منهما في منزلةٍ بعد عبادته وعدم الاشراك به سبحانه.
- يجبُّ على الأبناء رعاية الوالدين وخدمتهما والاهتمام بهما: وكان الاسلامُ قد حثّ الانسانُ على ذلك خاصةً في سنِ الكبر.
- يجبُّ على الأبناء تكريم الوالدين واحترامهما والرفعُ من قدرهما: حيثُ يفتحر الأبناء بوالديهم، وبما كانوا قد قدموه لهم، ويشكرهم ويبرهم على ذلك.
- يجبُّ على الأبناء الرحمة بالوالدين والاحسان اليهما في حياتهما أو في مماتهما.
- يجبُّ على الأبناء الدعاءَ للوالدينِ بالرحمة والمغفرة والقرب من اللهِ جلّ جلاله ودخول الجنة.
- يجبُّ على الأبناء دعوة الوالدين الى طاعة الله سبحانه وتعالى، والتقرب منّه بالصلاةِ والعبادات والعمل الصالح، وترك المنكرات وهذا إن كانا الوالدينَ بعيدين عن عبادة الله جلّ جلالهُ.
آداب التعامل مع الوالدين
يجبُّ على الأبناء أن يلتزموا بآدابِ الحديث وآداب التعاملِ مع الوالدين في كلّ شيءٍ، من أجل نيل رضا ورحمة ومغفرة الله سبحانه وتعالى، حيثُ تتلخصُ آداب التعامل مع الوالدين في الآتي:
- طاعة الوالدين في كل شيءٍ يقولانهِ عدا الشرك بالله والمعصية والبعد عن الواحد الأحد، وأن يقدم الانسان طاعة والديه على طاعة أيّ إنسان في الدنيا، إلا المرأة فإنّ طاعة زوجها تقدّمُ على طاعة والديهما.
- خفض الجناحِ للوالدين، والتذلل والتواضعُ لهما حُباً بهما وإكراماً لهما.
- الاصغاء الى حديثِ الوالدين، والاقبال عليهما بوجهٍ حسن بشوش، وعدم مقاطعة الوالدين في أي حديث أو في أي أمر يقولانه، واحترامُ قولهما، والحذر من التشهير بأقوالهم أو تكذيبها.
- البعد عن زجر الوالدين، وذلك يكون من خلال الاحسان اليهما، والتودد اليهما، والبعد عن نهرهما، أو رفع الصوت والتأفف عليهما.
- التودد الى الوالدين، من خلال تقبيل أيديهما ورأسهما، وعدم مدّ اليد الى الطعام قبلَ أيّ أحد منهما، وردّ السلام عليهما، والتوسع لهما في المجلس.
- تقديم حق الأم والبر بها والاحسان اليها عن حق الأب وبره والاحسان اليه، حيثُ قال سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- في حديثه: ( من أحق الناس بحسن صحبتي قال أمك، ثم من قال أمك، ثم من قال أمك، ثم من قال أبوك).
- الجلوس أمام الوالدين باحترام وأدب، وذلك يكن من خلال تعديل الجلسة، والبعد عن كل الأفعالِ التي قد تزعج الوالدين أو أنها قد تشعرهم بالاهانة وعدم الاحترام.
أهمية بر الوالدين
بر الوالدين في الاسلام له أهميةً كبيرة ومكانةً عظمة، حيثُ جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في الحديثِ عن بر الوالدين، وجزاء البر والاحسان للوالدين، وعقوبة نهر الوالدين وعدم طاعتهما والاحسان اليهما والتأفف منهما، حيثُ تتلخصُ أهمية بر الوالدين في الآتي:
- أنّ الله سبحانه وتعالى كان قد قرن بر الوالدين وطاعتهما والاحسان اليهما بعبادته وطاعته والانصياع لأوامرهِ سبحانه، كما أنّه قرن شكر الوالدين في القولِ والفعل بشكره وطاعته، وفي هذا تأكيد على أهمية حقوق الوالدين على الابناء من طاعتهما وبرهما والاحسان اليهما بالقولِ والفعل، وتحريم كلُّ ما قد يسبب الأذى والسخط لهما، حيثُ قال الله سبحانه وتعالى في ذلك: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).
- أن الله سبحانه وتعالى جعلَ بر الوالدين من أعلى مراتب الجهاد في سبيله، وأنّ الاهتمام بالوالدين وطاعتهما والاحساب اليهما وبرهما هو أمرٌ مقدم على أمر الجهاد في سبيل الله تعالى.
- يكونُ أيضاً رضا الوالدين سببٌ من أسباب دخول الانسان للجنة، حيثُ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك: (سمعت رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – يقول: الوالد أوسط أبواب الجنّة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه).
- كما أنّ رضا الوالدين يكون هو سبباً من أسباب رضا الله جل جلاله عن الانسان، حيثُ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك: (رضى الرّب في رضى الوالد، وسخط الرّب في سخط الوالد).
- رضا الوالدين يكونُ من أحب الأعمال وأقرب الأعمال الى الله سبحانه وتعالى.
وفي نهاية مقالنا نكن قد أوجزنا موضوع بر الوالدين وصوره وأهميته وكيفية الاحسان اليهما في بحث عن حقوق الوالدين على الابناء، حيثُ أنّ الوالدين همّ أحق الناسِ بالبر والاحسان والطاعة، فالله جل جلاله قرن رضاه برضى الوالدين، وقرن أحب الأعمال اليه بطاعة الوالدين، وقرن سبباً من أسباب دخول الجنة بالاحسان الى الوالدين وبرهما، وحقوق الوالدين تكون في حياتهما ومماتها، حيثُ أنّه بعد موتهما يجبٌّ على الأبناء الدعاء لهما، وقضاء الدين أو النذر عنهما، والتصدق عنهما أيضاً.