دعاء اللهم اني اعوذ بك من الهم والغم والحزن وغلبة الدين وقهر الرجال، وبشكل عام يعتبر الدعاء من أفضل العبادات التي يتخذها العبد وسيلة ليتقرب بها الى الله تبارك تعالى، فضلاً عن انه من الطرق التي تصل العبد بخالقه جل وعلا، فيكون أفضل ما يفعله الإنسان عندما يجد نفسه في ضيق وهم هو أن يناجي الله تعالي، بدعاءه الى ربه بأن يفرج همه وحزنه ويزيل الضيق ويشرح صدره، وهذا من خلال الاستعانة بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم، دعاء اللهم اني اعوذ بك من الهم والغم والحزن وغلبة الدين وقهر الرجال، الذي يدور حديث مقال اليوم حوله وتوضيح أفضاله الكثيرة على المسلم.
صحة حديث اللهم إِنِّي أَعُوذُ بك من الهم والحزن
قبل أن نغوص لتفاصيل الحديث وأفضاله الجمه على العبد، الذي يداوم على ترديده في كل وقت يغلبه فيه الهم والحزن، كان لا بد من توضيح صحة الحديث كي نتجنب الأقاويل ونوضح لمن يشكك في صحته ويظن أنه حديث موضوع أو ضعيف.
فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأبي طَلحَةَ: ”
- التَمِسْ غُلَامًا مِن غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي فَخَرَجَ بي أبو طَلْحَةَ يُرْدِفُنِي ورَاءَهُ، فَكُنْتُ أخْدُمُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كُلَّما نَزَلَ، فَكُنْتُ أسْمَعُهُ يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والبُخْلِ والجُبْنِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبَةِ الرِّجَالِ فَلَمْ أزَلْ أخْدُمُهُ حتَّى أقْبَلْنَا مِن خَيْبَرَ، وأَقْبَلَ بصَفِيَّةَ بنْتِ حُيَيٍّ قدْ حَازَهَا، فَكُنْتُ أرَاهُ يُحَوِّي لَهَا ورَاءَهُ بعَبَاءَةٍ أوْ بكِسَاءٍ، ثُمَّ يُرْدِفُهَا ورَاءَهُ، حتَّى إذَا كُنَّا بالصَّهْبَاءِ صَنَعَ حَيْسًا في نِطَعٍ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَدَعَوْتُ رِجَالًا فأكَلُوا، وكانَ ذلكَ بنَاءَهُ بهَا ثُمَّ أقْبَلَ حتَّى إذَا بَدَا له أُحُدٌ، قالَ: هذا جَبَلٌ يُحِبُّنَا ونُحِبُّهُ فَلَمَّا أشْرَفَ علَى المَدِينَةِ قالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أُحَرِّمُ ما بيْنَ جَبَلَيْهَا، مِثْلَ ما حَرَّمَ به إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لهمْ في مُدِّهِمْ وصَاعِهِمْ”.
اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وغلبة الدين وقهر الرجال
من منا لا يمر بأوقات عصيبة يشعر بها بالضيق والهم والحزن الشديد، إثر إحدى المواقف الحياتية أو المرور ببعض الظروف التي تستدعي ذلك، فأفضل ما يفعله المسلم في تلك الأوقات هو اللجوء الى الله تعالى ومناجاته بأن يفرج الله همه ويُذهب عنه حزنه، فينفث الكربات ويزيح الغمة بإذنه تبارك وتعالى، فما من يد ترفع اليه إلا ويسمعها ولا يردها خائبة، ونتناول الآن الحديث الصحيح التى ورد عن النبي عليه أفضل الصلاوات والتسليم في الهم والحزن، ونتبعه بالشرح الوافي لها.
- وقد جاء في السنة النبوية الشريفة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُكثر من قول: ” اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال”.
- وهذا ثابتٌ عن النبي الحبيب، وكان من ضمن دعواته العظيمة.
- الهم: هو انشغال النفس واضطراب القلب لتوقع شئ ما غير محبذ سوف يقع في المستقبل.
- أما الحزن: فهو تألم القلب والنفس، اثر موقف مكروه وأمر وقع بالفعل.
- غلبة الدين: المتعارف عليه أي أنه ثقل الدَين وعجزه عن تسديد مبلغ الدَين، وبالنسبة الى “غلبة الرجال” أي أن يغلبوه فالدين ليقهروه كي يقتلوه ويأخذوا ماله ويتسببوا بالإهانة اليه، فيتعرض للظلم الشديد، وهنا يستعين العبد بالله عز وجل من غلبة الدين وقهر الرجال، بمعنى أنه ان عجز الانسان عن تسديد الدين فإنه يشغل فكره كثيراً ويمه كثيراً، اذ أن غلبة الرجال تعد مثيبة كبرى سواء قُهر على قتله أو قهروه بأخذ أمواله.
- كما وروى أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فقال يا أبا أمامة: ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك؟ قال: قلت بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني.
قصص اللهم إِنِّي أعوذ بك من الهم والحزن
القصص التي رويت ناتجة عن ترديد هذا الحديث في الأوقات التي يتكون العبد بحاجه إليه كثيرة، جميعها نتج عنها الحصول على الحالة المراد الوصول اليها، يتحقق بزوال الهم وانشراح الصدر والشعور براحة يبثها الله عزو جل في نفس المؤمن، ومن هذه القصص:
- ” تقول فتاة وتروي ما قالته لها جدتها: أنها كانت ببداية حياتها الزوجية وتحديداً عندما أنجبت الطفل الاول لها وقد أسمته ناصر، وفي هذه الأيام كانوا يعانون من الكثير من المشاكل المادية الصعبة، وفي الوقت ذاته كانت الأمطار شحيحة بجانب أن المياه في الآبار كانت وقتها قليلة، حتى إن جف الضرع، وهلك الزرع، فقام عدد كبير من أهل القرية بأداء صلاة الاستسقاء أكثر من مرة ولكن دون جدوى، حتى اصاب هذا الحال الناس بالهم والحزن الشديد، فخرجت جديتي وكان معها طفل صغير، وذهبت به الى مكان يخلو من الناس، فجلست واستقبلت القبلة وأجلست صغيرها على فخذيها، ورفعت يديه الى السماء وأهمت بدعاءها الى الله عزوجل، بقلب خاشع وعيون دامعة، وأصبحت تدعو الله كثيراً وتطلب منه ان يسقيهم، ومع صوت بكاءها بكى الطفل الصغير معها واشتد نحيبهما بالدعاء، وحينما ذهبت الى المنزل فإذا برحمة الله تعالى تغشاهما وتنزل البركات من الماء على القرية، بعدد كبير من الغيوم وهطول الأمطار، كانت هذه الاستجابة العظمى للدعاء، بتبديل شعور الهم والحزن بفرج كبير من الله تبارك وتعالى”.
دعاء اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وغلبة الدين وقهر الرجال
المشاعر الانسانية تختلف وتتبدل تبعاً للأحداث المستمرة في الحياة، فلا بد من التأقلم مع كافة هذه الأحداث المتتابعة، سواء كانت سعيدة أم حزينة، فعند الشعور بالحزن لابد من الاستعانة بالله والدعاء اليه بأن يفك الكرب ويزيل الهم، وأن يستجيب دعواتنا ويحققها من خلال انفراج هذه الهموم وزوال الأحزان، وهنا نضع الدعاء المختص بتفريج الهموم والأحزان للاستماع اليه والتعلم منه على النحو التالي:
أدعية تقال عند الشعور بالهم والحزن
طالما توكل العبد على ربه وفوض إليه كافة أموره، فإن الله تعالى توعد بأن يكفيه ما أهمه ويذهب عنه حزنه، ويكون هذا التوكل من خلال الدعاء الى الله تعالى بأن يفرج همومنا ويشرح صدورنا ويكفينا هموم هذه الحياة، ومن هذه الأدعية:
- اللَّهُم أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ ، عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ , مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، أَعْلَمُ أَن اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا .
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ، إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ.
- اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، واكشف ما بي من ضر إنّك أرحم الراحمين. لا إله إلّا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
لا يوجد حامي ولا كافي للعبد سوى الله تعالى عزوجل، مهما استعان بأقرب شخص اليه بان يهون عليه مصابه، لا يصل الى الراحة والانفراج الا بقربه من الله تعالى وطلب العون منه، بالدعاء بتفريج الهموم والأحزان، وترديد دعاء اللهم اني اعوذ بك من الهم والغم والحزن وغلبة الدين وقهر الرجال، في حالات الكرب الشديد والهموم والأحزان.