متى يكون الجهاد فرض عين، من الفروض التي وضعها الشرع الإسلامي لمشروعية الجهاد وهو واجب القيام به، فالشرع الإسلامي قد بني على أركانٍ خمسة، وهي الشهادتين والصلاة والصيام والزكاة وحجّ البيت لمن استطاع إليه سبيلًا، وإنّ الجهاد هو ذروة هذا الإسلام الحنيف الذي يعين على تنفيذه ويساعد في تداوله، كذلك أنّه لا يسمح للمتطاولين بالتطاول عليه، ومن خلال فقرات مقالنا هذا سوف نتعرف على معرفة الإجابة على متى يكون الجهاد فرض عين، الى جانب معرفة الشّروط اللازمة للجهاد، وتعريفه وحكمه وفضل الجهاد في سبيل الله.
تعريف الجهاد في سبيل الله
إن الجهاد هو مفهوم إسلامي يشير الى كلّ فعلٍ أو قول يتمّ القيام به ونطقه لصدّ ظلمٍ من عدو واعتداءٍ من طغاة، والجهاد في اللغة هو بذل الجهد والطاقة ويحمل مرادف تحمّل التعب، بينما اصطلاحًا فيتضمن الجهاد الحياة كلّها عند المسلم، ويعرف الجهاد الأكبر حين يكون المراد منه محاربة الكفار والمشركين بعد الاختيار ما بين الدخول للإسلام أو دفع الجزية، وحين يمتنعون عن الاثنتين يشرّع الجهاد، ويكون الجهاد محاربة الكفار لردّ عدوانهم عن الأرض والدين، ولإعلاء كلمة الحق في الأرض، وحيث عرّف الأحناف اجهاد أنه بذل المزيد من الجهد والطاقة بمحاربة الكفار في سبيل الله بالنفس والمال والقول.
شاهد أيضًا: هل يجوز اخراج الزكاة قبل وقتها
شروط الجهاد في سبيل الله
وضعت الشريعة الإسلامية شروط الجهاد في سبيل الله وهي سبعة شروط تتمثل في أن يكون مسلم بالغ عاقل والذكورية والقدرة المالية والصحة السليمة من كلّ مرضٍ أو أذى، فلو اختلّ شرطٌ من الشّروط سقطت مشروعية الجهاد عن الشخص، وإنّ تفصيل أصحاب العلم في هذا كان مما يلي:
- يشترط الإسلام للجهاد: فالمشرط لا جهاد عليه، وهذا أنّ الجهاد من الطاعة والعبادة لا تقبل من الكافر وغير المسلم، ولا يجوز منه جهاده، فالمشرك لا يتوافر فيه الإخلاص ولا الأمانة ولا الطاعة لهذا لا يخرج في جيش المسلمين.
- يُشترط البلوغ للجهاد: فالجهاد من التكليف والصبي الغير بالغ لم يكلف بعد لهذا لا جهاد عليه، والعديد من الأحاديث التي أشارت على قيام صغار الصحابة بطلب الخروج للجهاد، لكنّ نبي الله -صلى الله علي وسلم- ردّهم لصغر عمرهم.
- العقل شرطٌ للجهاد: فالمجنون سقطت عنه كافة الواجبات بسقوط عقله وبه يسقط التكليف عنه، حيث جف عنه القلم.
- الذكورة من شروط وجوب الجهاد: فالجهاد لا يشترط على النساء بل الرّجال الأكفّاء فقط وهذا لما ذكر عن السّيدة عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- أنّها قالت: “يَا رَسولَ اللَّهِ، نَرَى الجِهَادَ أفْضَلَ العَمَلِ، أفلا نُجَاهِدُ؟ قالَ: لَا، لَكِنَّ أفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ”.
- الاستطاعة المالية والبدنية: فالمسلم مثلًا ليست لده القدرة وكذلك لا يملك جسده ولا يملك ماله، وهو بنفسه مملوكٌ لسيّده، أو الضعيف الذي لا يقدر على حمل السلاح، وكذلك الفقير الذي لا يملك من بعده نفقة عياله، والمريض الذي يعجز عن الجهاد فلا بأس على المريض وغيره.
شاهد أيضًا:متى تجب الزكاة في المال
متى يكون الجهاد فرض عين
أوجب الدين الجهاد على المسلمين وهذا بدليل قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. ويكون الجهاد واجبًا على كلّ فرد مؤمن في عدد من حالاتٍ فقط، وهي:
- في حال حضر المسلم صفوف القتال في أرض المعركة فواجبٌ عليه المبارزة والجهاد والثبات أمام العدو.
- في حال هاجم الأعداء البلد أو المدينة التي فيها المسلمين، فإنّ الجهاد يكون فرض على كلّ مسلم داخل الأرض، وعلى الجميع الخروج لمحاربة العدو ولا يجوز لأحد أن يتكاسل عن القيام بواجبه.
- في حال استنفر الحاكم الواليين، فواجبٌ على كلّ والي الالتحاق بالجهاد في سبيل الله والاستجابة للنفير.
من يسقط عنه الجهاد
من خلال الحديث عن شروط الجهاد في سبيل الله يعلم الفرد من يسقط عنهم الجهاد في الشرع، وقد وضع أصحاب العلم من يسقط عنهم الجهاد هم مما يلي:
- المجنون والصبي: فالعقلانية والبلوغ من شروط وجوب الجهاد على العبد، والمجنون والصبي لا شرط عليهما.
- المرأة: لا يشترط الجهاد على المرأة، فالذّكورة من شروط الجهاد.
- العبد والمرقوق: فالمسلم لا يملك نفسه ليخرج للجهاد.
- الضعيف والفقير والمريض: جميعهم لا يشترط عليهم الجهاد لأنّهم سقط لديهم شرط المقدرة، ويدخل معهم من عدمت سلامة كافة أعضائه كالأعرج والأعمى.
- من لم يأذن له أبويه: وهذا مخصوصٌ في جهاد التطوع، فبر الوالدين فرض عين والجهاد خلال ذلك الحال فرض كفاية، وفرض العين أولى من فرض الكفاية.
- صاحب الدَّين: حيث يعد من لم يجد مالًا يسدّ به دينه ولم يأذن له صاحب المال بالرّحيل وكان الجهاد تطوعًا.
- العالم الوحيد: إذا كان الرجل بحوزته علمًا لا يملكه أحدٌ نحوه داخل البلد سقط عنه الجهاد، فلو قتل لا يوجد من يسدّ مكانه.
شاهد أيضًا: ما هو اجر صيام عاشوراء وحكمه وفضله
حكم الجهاد في سبيل الله
أجمع أصحاب الفقه في شروط الجهاد في سبيل الله واختلفوا قليلًا بيان حكمه، ولحكمه ثلاث أقوال لدى فقهاء الدين وهي:
- الجهاد فرض كفاية: وهو الجهاد الذي لا يرتبط بكلّ مكلف من المسلمين عينًا، ويكفي أن يقوم به طائفةٌ من المسلمين، وهذا بالعدد الذي يكفي للقيام به، بينما لو لم يكف إلا المسلمين كافة فعليهم أن يقوموا به جميعًا، ويأثمون كافة لتركه، والدليل على هذا قوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}.
- الجهاد فرض عين: وهو ما ورد عن سعيد بن المسيب وعدد من علماء المذهب الشافعي، وابن قدامة قاله في المغني، واختاره ابن رشد، واستدلّوا على قولهم بأدلّة فرض الجهاد المطلقة، حيث إن القول أنّه فرض كفاية هو الراجح والله أعلم.
- الجهاد مندوب ومستحب: وحيث قاله عبد الله بن عمر وعطاء الثوري ونحوهم، وقالوا فيه أنّ الجهاد ليس واجبًا لا عينًا ولا كفاية، وهذا أنّه يفهم من أقوال عدد من العلماء احتجاجهم بدخول التخصيص على النصوص التي تشير على وجوب الجهاد، فالنص إن دخله التخصيص يصبح ظني الدلالة فيضعف الاحتجاج به، ولكن فسر عدد من العلماء قول ابن عمر أنّ الجهاد اعتباره فرض كفاية على معظم الناس فإنّه مستحب ومندوب على بقية المسلمين.
ما هو فضل الجهاد
إنّ الجهاد في سبيل الله من أفضل القربات والعبادات التي يتقرب بها العباد من الله العالمين، وهذا لما فيه من إعلاء كلمة الحق ونصر دينه والناس، حيث ذكرت العديد من الأدلة التي توضح فضل الجهاد ومنزلته، حيث ذكر عن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: “تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَن خَرَجَ في سَبيلِهِ، لا يُخْرِجُهُ إلَّا جِهادًا في سَبيلِي، وإيمانًا بي، وتَصْدِيقًا برُسُلِي، فَهو عَلَيَّ ضامِنٌ أنْ أُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أوْ أرْجِعَهُ إلى مَسْكَنِهِ الذي خَرَجَ منه، نائِلًا ما نالَ مِن أجْرٍ، أوْ غَنِيمَةٍ، والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، ما مِن كَلْمٍ يُكْلَمُ في سَبيلِ اللهِ، إلَّا جاءَ يَومَ القِيامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ، لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ، ورِيحُهُ مِسْكٌ، والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَوْلا أنْ يَشُقَّ علَى المُسْلِمِينَ ما قَعَدْتُ خِلافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو في سَبيلِ اللهِ أبَدًا، ولَكِنْ لا أجِدُ سَعَةً فأحْمِلَهُمْ، ولا يَجِدُونَ سَعَةً، ويَشُقُّ عليهم أنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أنِّي أغْزُو في سَبيلِ اللهِ فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أغْزُو فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أغْزُو فَأُقْتَلُ.
الى هنا نصل بكم الى ختام فقرات مقالنا هذا والذي سلطنا الحديث خلاله على معرفة الإجابة على متى يكون الجهاد فرض عين، الى جانب معرفة الشّروط اللازمة للجهاد، وتعريفه وحكمه وفضل الجهاد في سبيل الله.