ماذا أفعل في العشر الأواخر من رمضان

ماذا أفعل في العشر الأواخر من رمضان، يعد شهر رمضان أكثر أشهر السنة بركةً على الإطلاق، ففيه أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم، ويعتبر صيامه فريضةً، فهو أحد أركان الإسلام، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم، حيث قال الله سبحانه وتعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185]، وقد فرض الله سبحانه وتعالى صوم كل أيام هذا الشهر على جميع المسلمين المقتدرين بدنياً في مختلف أنحاء العالم، وذلك من طلوع الفجر حتى مغيب الشمس من ذات اليوم.

ماذا أفعل في العشر الأواخر من رمضان؟

ماذا أفعل في العشر الأواخر من رمضان؟
ماذا أفعل في العشر الأواخر من رمضان؟

ميز الرسول صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر من شهر رمضان حيث كان يضاعف أداء العبادات فيها وحثنا على استغلال العشر الأواخر في التقرب إلى الله تعالى بكل ما يحب من قول أو عمل طمعاً في نيل الأجر والمغفرة، ومن الأعمال التي كان يكثر الرسول صلى الله عليه وسلم من القيام بها في العشر الأواخر:

  • إحياء الليل:  وذلك لِما روته السيّدة عائشة أمّ المؤمنين -رضيَ الله عنه- فقالت: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ)، والإحياء قد يُراد به اللّيل كلّه، وقد يُراد غالبه، والمقصود “بأحيا ليله” الواردة في الحديث السّابق؛ الدلالة على استغراق النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- اللّيل كلّه بالصّلاة، وقد روت السّيدة عائشة أمّ المؤمنين -رضيَ الله عنها- عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- حديثاً آخر قالت فيه: (ما رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قَامَ لَيْلَةً حتَّى الصَّبَاحِ، وَما صَامَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا إلَّا رَمَضَانَ)، وذلك يدلل أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يُحيي أغلب اللّيل وليس كلّه. ويكون إحياء ليل رمضان بالإكثار من صلاة قيام الليل، كما أنَّ النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أمر السّيدة عائشة -رضيَ الله عنها- بالدّعاء، وكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-يتفرّغ عن الدّنيا في اللّيالي العشر الأخيرة من رمضان، ويعتزل نساءه، ويجعل عشاءه وقت السّحور، ويغتسل كلّ ليلة بين المغرب والعشاء، ويوقظ أهله، ويحثّ علي وفاطمة -رضيَ الله عنهما- على القيام وإحياء اللّيل.
  • الاعتكاف: حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان  فقد روى ابن عمر -رضيَ الله عنه- عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- فقال: (كانَ يَعْتَكِفُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ)، فالاعتكاف من السنن المؤكدة التي دوام عليها الرسول عليه الصلاة والسلام ففي حديث عن أبي هريرة -رضيَ الله عنه- قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعْتَكِفُ في كُلِّ رَمَضَانٍ عَشَرَةَ أيَّامٍ، فَلَمَّا كانَ العَامُ الذي قُبِضَ فيه اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا)، والاعتكاف يكون بقطع الاتصال بالخلق ابتغاءً للاتصال بالخالق فكلما زاد التقرب إلى الله ومحبته زاد الحب للاعتكاف والتفرغ لعبادة الله، ومن الجدير بالذكر أن الاعتكاف لا يقتصر فقط على ليالي رمضان بل يستحب في أي وقت من العام، ولكن يزيد فضله في رمضان ويُقصد بالاعتكاف لزوم المسجد لعبادة الله -تعالى- والتفرّغ لها، ويبدأ ببدء العشر الأواخر من شهر رمضان، وينتهي بانتهاء الليلة الأخيرة من شهر رمضان.
  • الإكثار من الصدقات: باتفاق العلماء والفقهاء أن اجر القيام بالطاعات في شهر رمضان يتضاعف وخاصةً في العشر الأواخر منه، وذلك لوجود ليلة القدر فيها، بدليل ما جاء في صحيح مسلم عن عائشة أمّ المؤمنين -رضيَ الله عنها- قالت: (أنَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَجْتَهِدُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ، ما لا يَجْتَهِدُ في غيرِهِ) ومن الطاعات المحببة في هذه العشر الأواخر الإكثار من إخراج الصدقات.
  • تلاوة القرآن الكريم وتدبره حيث أن الله تعالى سمى شهر رمضان بشهر القرآن قال -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فمن شهد منكم الشهر فليصمه…)، فلهذا يجب على المسلم أن يشغل وقته في رمضان بقراءة القرآن الكريم والحرص على الأذكار لأن هذا من سنن النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يأتيه جبريل في كلّ ليلة من ليالي رمضان يدارسه القرآن، فقد دارس جبريل -عليه السّلام- القرآن الكريم مرّتين على النبيّ -عليه السّلام- في رمضان من عام وفاته، وقد روى ابن عباس -رضيَ الله عنه- فقال: (كانَ جِبْرِيلُ عليه السَّلَامُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ في رَمَضَانَ، حتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عليه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُرْآنَ).
  • الإكثار من الدعاء لله عز وجل فهذه من أحب الأيام إلى الله والتي يستجاب فيها الدعوات وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أهل بيته بالدعاء وقد أخبر الله -تعالى- أنّه قريب من عباده يجيب دعواتهم، فقال -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، ووصف يحيى ابن أبي كثير الدّعاء أنّه أفضل العبادات، ولمّا سألت عائشة -رضيَ الله عنها- النبيّ -عليه الصلاة والسّلام- ما تدعو في ليلة القدر، قال لها أن تقول: (اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي)، فالمسلم عليه ان يحرص على الإكثار من الدعاء طيلة شهر رمضان وبالأخص في العشر الأواخر منه والليالي الفردية التي ستوافق إحداهن ليلة القدر.

وصلنا وإياكم إلى ختام موضوعنا ماذا أفعل في العشر الأواخر من رمضان، ونسألك اللهم كما أكرمتنا ببلوغ رمضان أن تكرمنا ببلوغ تمامه وحسن العمل والقبول والعتق من نيرانه، اللهم اجعل الريان بابنا والكوثر شرابنا واعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا من النار يارب العالمين.

Scroll to Top