صلاة كل ليلة من رجب، يحل علينا اليوم أول أيام شهر رجب المبارك، الذي يعد الشهر السابع من السنة القمرية، حيث يرجع سبب تسميته بهذا الاسم، أن كلمة رجب جاءت من “الرجوب” أي من التعظيم، لأنه كان شهر يُرجَّب في الجاهلية أي يُعظم، فضلًا عن ذلك حدوث معجزة “الإسراء والمعراج” في هذا الشهر المعظم. ومن خلال مقالنا سنبين أفضلية شهر رجب وصلاة كل ليلة من رجب.
شهر رجب
شهر رجب وهو سابع الشهور العربية الهجرية، ويُذكر أن له ثمانية عشر اسماً منها “المقيم”، “المُعلى”، “مضر”، “المبرئ” جميع هذه الأسماء أطلقت على شهر رجب، ذلك لما له من مكانة عظيمة وأفضلية كبيرة عند العرب، كما وسموه رجبًا لأنهم كانوا يعظّمونه، كما عظمته الشريعة الإسلامية أيضاً، فمن مظاهر تعظيم هذا الشهر في الشريعة الإسلامية أنه من الأشهر المحرمة، التي خصها الله عز وجل بذكرها في كتابه العزيز، كما وقد خصصها بمزيد من الإجلال والإكرام، فحرم فيها البغي والقتال على عباده، إلا أن يباغتهم العدو في هذه الأشهر فيسمح لهم الرد بالقتال، قال تعالى: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ» كما أن انتهاك المحارم في هذه الأشهر الحرمة تكون عقوبتها أشد من غيرها من شهور السنة، لذا نهانا الله عز وجل عن الظلم وارتكاب المعاصي في هذه الأشهر الفضيلة، قال تعالى: “فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ”. وكما أن شهر رجب شهر كريم فيه تصب الرحمة الإلهية على العباد، لذلك سمي” الأصب”، والأصم لأنه لم ينادى فيه بالقتال ولايسمع فيه صوت السلاح.
أعمال شهر رجب
العمل الصالح في شهر رجب كباقي الأشهر الحرم ولا يخصص شهر رجب دون غيره بطاعة محددة، بل
إن هناك كثير من الطاعات ينبغي على المسلم فعلها والإكثار منها في شهر رجب في الأشهر الحرم على حد سواء وهي:
- الإكثار من الأعمال الصالحة والاجتهاد بها، والمواظبة عليها ليكون ذلك داعيًا على استمرار لفعل الطاعات في باقي الشهور.
- على المسلمين اغتنام العبادة في هذه الأشهر المعظمة عند الله والتي أهمها الدعاء و الصيام والصلاة.
- على المسلمين ترك الظلم والبغي والقتال والإسراع في الصلح بين المتخاصمين وخاصة في الأشهر الحرم وشهر رجب.
- ومن أهم الأعمال الصالحة في هذه الأشهر الإكثار من إخراج الصدقات.
صلاة كل ليلة من رجب
مع دخول أول أيام رجب يبدأ أنصار المذهب الشيعي بأداء عبادات خاصة في شهر رجب من صلاة وصوم وأدعية خاصة بالشهر، فقد ورد في صلاة كل ليلة من رجب انها جاءت على النحو التالي:
من صلى في رجب ستين ركعة في كل ليلة منه ركعتين ، يقرأ في كل ركعة منهما فاتحة الكتاب مرة و ﴿ قل يا أيها الكافرون ﴾ ثلاث مرات ، و ﴿ قل هو الله أحد ﴾ مرة، فإذا سلم منهما رفع يديه وقال : “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير، وإليه المصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، النبي الأمي وآله”، ويمسح بيديه وجهه ، فان الله سبحانه يستجيب الدعاء ويعطي ثواب ستين حجة وستين عمرة.
ويرى علماء السنة المحمدية أن هذا العمل من العبادات لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه اجتهاد من علماء الشيعة وأنصارهم.
رأي الاسلام في صلاة كل ليلة من رجب
شهر رجب من الشهور المعظمة، يستحب فيه الصيام، والصلاة والقيام بالأعمال الخيرية، فشهر رجب هو شهر الانتصارات، شهر يذكرنا بأمجاد أمتنا ففيه كانت غزوة تبوك، وفيه كان تحرير المسجد الأقصى من أيدي الصليبيين بقيادة صلاح الدين الأيوبي، وفيه كانت معجزة الإسراء والمعراج، لكن علينا كمسلمين أن نتذكر هذه الأمجاد ونذكر أبناءنا فيها ونستفيد منها.
أما عما ورد من أحاديث في أفضلية شهر رجب فعلينا أن نتثبت الصحيح من الأحاديث واتباعها حيث أن كثير من الأحاديث التي جاءت في أفضلية شهر رجب مابين الضعيف والموضوع فيجب علينا التثبت من صحتها، وأن فضل شهر رجب داخل في عموم أفضلية الأشهر الحرم وهي أربعة أشهر خصها الله عز وجل وعينها النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهي ثلاثة أشهر متتالية: ذو القعدة، ذو الحجة، والمحرم، وواحد فرد وهو شهر رجب، ومن مظاهر تفضيل هذه الأشهر بما فيها شهر رجب أنه نُدب فيها الصيام.
كما جاء في حديث وذلك حين جاءَ النبي صلى الله عليه وسلم رجُلٌ من أهله وقد عذَّب نفسَه بالصيام فطَلب الرسول-عليهِ الصّلاةُ والسّلام-منه أن يصوم شهر رمضان ويومًا من كلِّ شهر٬ ثم قال لهُ الرّجُل زدني٬ فطلب منه أن يصوم يومين٬ فقال الرَّجُل زدني٬ ثم قال : صُم ثلاثة أيام٬ ثمَّ قال زدني فقال: صُم من الحُرُم.
فضل صلاة كل ليلة من رجب
فهذا لم يثبت في السنة ولا في أقوال العلماء، وما أجمع عليه العلماء أن شهر رجب من الأشهر الحرم لم يرد فيه حديث يخصه بفضل صيام أو صلاة مستدلين بذلك من حديث رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : “أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ”.
الى هنا نختم مقالنا الذي تضمن الحديث عن صلاة كل ليلة من رجب، حيث لم يخص الرسول صلي الله عليه وسلم شهر رجب بعبادة خاصة سواء كانت صلاة أو صوم فكل أشهر الله يحل فيها العبادات بالصلاة والصوم والدعاء.