هل يجوز التبرع بالأعضاء بعد الموت، هناك اختلاف كبير من حيث الأسباب التي تدفع الفرد الى التبرع بالأعضاء بعد الموت، ومن بينها من يتبرع بهدف فعل الخير، ومنهم من يتبرع نتيجة الى صلة القرابة، ومنهم من يتبرع لأسباب مادية، وتعتبر مسألة التبرع بالأعضاء مسألة خلافية بين العلماء، لهذا سوف نتطرق الحديث عن حكم التبرع بالأعضاء بعد الموت، وتوضيح المعايير الشرعية التي تضبط تلك العملية، والحديث عن فوائدها وسلبياتها وموانعها وأسبابها.
هل يجوز التبرع بالأعضاء بعد الموت
إن من قول العلماء حول مسألة التبرع بالأعضاء بعد الموت هو يجوز في الشرع لأن مصالح الأحياء مقدمة على مصلحة المحافظة على حرمة الأموات، ولكن أهل العلم قد اختلفوا حول تلك المسألة وهم على ثلاثة أقوال فمنهم من أجاز التبرع بالأعضاء بشكل مطلق فيجوز للفرد المسلم أن يتبرع بأعضائه بعد موته لما في هذا من فائدة لهم ولغيرهم وفيه أجر وإحسان وثواب كبير.
والبعض الأخر ذكر بأن التبرع ونقل الأعضاء حرام قطعا سواء كان المتبرع بأعضائه كافرًا أو مؤمن لأن الجسد ملك لله عز وجل وليس للإنسان فهو ليس حر التصرف فيه، ومنهم من وضح بأن التبرع بالأعضاء يجوز لغير المسلمين لأن الشرع قد حرم أن يمس جسد المؤمن حيا كان أم ميتا فمن المحرم أن يجرح أو يقطع وبهذا لا يجوز أن يتبرع المؤمن بأعضاء جسده بعد موته، بينما على غير المسلمين فلا حرج في هذا، لأنهم لا يمانعون في هذا، ومعاييرهم تتجه الى ضوابط محددة.
ضوابط شرعية للتبرع بالأعضاء بعد الموت
لقد وضع الشرع في الدين الإسلامي العديد من الضوابط والمعايير التي يمكن ان نتبعها من أجل القيام بعملية التبرع بالأعضاء بعد الموت ومن أهم تلك الضوابط نذكر كالتالي:
- أن تكون الأعضاء مما لا تأثير لها على الأنساب والموروثات والشخصية العامة، كالخصية والمبيض وخلايا الجهاز العصبي، كما نص على هذا قرار مجمع الفقه الإسلامي بذلك الأمر.
- أن يكون المتبرع تام الأهلية أي بالغا عاقلا راشدا، وحيث ورد في الموسوعة الفقهية: (اشترط الفقهاء في الواهب أن يكون من أهل التبرع وهذا بأن يكون عاقلا بالغا رشيدا، وجاء فيها كذلك “ويتوجب في الموصي أن يكون مستعدا في البداية للتبرع).
- أن يكون المتبرَّع له معصوم الدم، أي مسلم أو كافر مسالم ، بينما الكافر الحربي فغير جائز التبرع له لأنه مهدر الدم في الشريعة، ودليل هذا ما ذكر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها قالت (قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُ أُمِّي قَالَ: نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ).
- أن يكون نقل أعضاء الجسد من خلال التبرع وليس بطريقة البيع التي تهين كرامة الفرد المسلم وجسده، فالإنسان ليس سلعة تُباع وتشترى.
ما هي الأعضاء التي يمكن التبرع بها بعد الموت
لا يمكن التبرع بجميع أعضاء الإنسان بعد الموت حيث توجد أعضاء غير جائز التبرع بها كالأعضاء التي يمكن أن تؤثر على الجينات والمورثات كالخصية والمبيضان وخلايا الجهاز العصبي وتحوي الأعضاء والأنسجة التي يمكن زرعها فيما يلي:
- الكبد.
- الكلى.
- البنكرياس.
- القلب.
- الرئتين.
- الأمعاء.
- القرنية.
- نخاع العظم.
- النسيج الضام.
أجر التبرع بالأعضاء بعد الموت
إن التبرع بالأعضاء له أجر عظيم وإحسان للناس وصدقة جارية، حيث من يتبرع بعضو من جسده لغيره سيفرج الله عنه ضائقة وكربة وسوف يساهم في زوال الغضب والمرض عنه بإذن الله عز وجل، وله من هذا الأجر العظيم عند الله، ويرجع التبرع بالأعضاء بعد الموت الى الإحسان و النفع الواسع فقد أحسن المتبرع للمحتاجين من المرضى فيكتب عند الله من المحسنين ويجزى الجزاء الأكبر عند الله، وقد جاءت الأدلة كالتالي:
- في القرآن الكريم قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
- وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ).
ما هي فوائد التبرع بالأعضاء
توجد الكثير من الفوائد التي تعود على التبرع بالأعضاء، والتي سوف نذكر منها على النحو التالي:
- البركة في العمر الافتراضي للمتلقي: فالتبرع بالأعضاء يسمح للفرد المصاب أن يعيش لمجدة أطول بصحة جيدة.
- تقليص الألم عن المرضى: فالتبرع بالعظام يمكن أن يمنح الفرد المتلقي حياة خالية من الآلام، والتبرع بالعين أو قرنية العين يمكن أن يعيد للمتلقي رؤية النور مرة أخرى.
- إنقاذ مرضى سرطان الدم: وبالتالي تعتبر عمليات زرع نخاع العظم الأمل الوحيد للمصابين بمرض سرطان الدم للشفاء منه.
- إنقاذ الأطفال الذين يولدون بعيوب خلقية: عمليات زرع صمام القلب تنقذ الأطفال الذين يولدون بعيوب خلقية في القلب وتعطيهم فرصة الحياة الخالية من المرض.
- تقليص تكاليف العلاج على المرضى: فمريض الكلى يكون بحاجة إلى غسيل الكليتين بشكل متكرر وبالتالي مصاريف مستمرة على العلاج وفي حال تم زرع كلية عند ذلك المريض فإنه لن يحتاج إلى العلاج مرة أخرى وذلك يوفر المال بشكل واسع.
- فوائد اجتماعية وإنسانية: منها تخفيف الحزن عن أسر المرضى، فمن الفوائد الاجتماعية الهامة هي السعادة التي تغمر أهل المتبرَع له عن طريق إنقاذ حياة من يخصهم.
ما هي أسباب ودوافع التبرع بالأعضاء
هناك العديد من الدوافع والأسباب التي تجعل الفرد يتبرع بالأعضاء والتي سوف نذكر منها على النحو التالي:
- الرغبة بعمل الخير: فالفرد الواحد قادر على إنقاذ العديد من الأفراد، في حال تبرع بعضو منه بعد موته، فإن أعضاء ذلك الفرد سوف تعيش في أجساد متعددة لبقية الحياة.
- أسباب ترتبط بصلة القرابة بين المتبرع والمتلقي: من الأسباب التي تدفع الأفراد إلى التبرع بأحد أعضائهم هي أن يكون المريض من أحد أفراد الأسرة ويريد المتبرع إنقاذ حياته، وبالتحديد أن فرصة تطابق الأنسجة تكون أعلى في تلك الحالة.
- أسباب مادية: قد تكون الحاجة للمال هي أبرز الأسباب التي تدفع شريحة محددة من الناس إلى بيع أعضائهم تحت ظروف قاسية.
- أسباب علمية: يقوم معظم الأفراد المؤمنين بأهمية التجارب العلمية الطبية بالتبرع بأعضائهم بعد وفاتهم من أجل تلك التجارب.
والى هنا نصل الى نهاية المقالة والتي تعرفنا من خلال سطورها هل يجوز التبرع بالأعضاء بعد الموت وما هي ضوابطها ودوافعها وفوائدها وما الى ذلك من المعلومات الأخرى.