صحة حديث رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، شهر رمضان هو ذاك الشهر الفضيل الذي ننتظره من العام إلى العام لننهل من خيره، شهر جعله الله -تعالى- ملاذًا للقلوب المتعبة؛ لتلجأ إلى ربّها بالدعاء والاستغفار والعمل الصالح، ولتجدد النيّة مع الله في شهر الخير، وفي هذا المقال سوف نقوم بالتأكد من صحة حديث رمضان اوله رحمة واوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.
حديث أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار
جاء في الحديث المشهور الذي رواه سلمان الفارسي، والذي أخرجه ابن شاهين في كتابه فضائل رمضان، ابن خزيمة في صحيحه في باب فضائل رمضان تحت عنوان “إن صح الخبر”، وكذلك البيهقي في الشعب وفي فضائل الأوقات، وجاء نص الحديث كالتالي:
وبوب له ابن خزيمة بقوله: (بَابُ فَضَائِلِ شَهْرِ رَمَضَانَ، إِنَّ صَحَّ الْخَبَرُ.) ولفظه عنده: عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ، فَقَالَ: “أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، جَعَلَ اللَّهُ صِيَامَهُ فَرِيضَةً، وَقِيَامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعًا، مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنَ الْخَيْرِ، كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرِيضَةً، كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَهُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ، وَالصَّبْرُ ثَوَابُهُ الْجَنَّةُ، وَشَهْرُ الْمُوَاسَاةِ، وَشَهْرٌ يَزْدَادُ فِيهِ رِزْقُ الْمُؤْمِنِ، مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِمًا كَانَ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ، وَعِتْقَ رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ”. قَالُوا: لَيْسَ كُلُّنَا نَجِدُ مَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ. فَقَالَ: “يُعْطِي اللَّهُ هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى تَمْرَةٍ، أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ، أَوْ مَذْقَةِ لَبَنٍ، وَهُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ، وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ. مَنْ خَفَّفَ عَنْ مَمْلُوكِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَأَعْتَقَهُ مِنَ النَّارِ. وَاسْتَكْثِرُوا فِيهِ مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: خَصْلَتَيْنِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ، وَخَصْلَتَيْنِ لَا غِنًى بِكُمْ عَنْهُمَا. فَأَمَّا الْخَصْلَتَانِ اللَّتَانِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ: فَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَتَسْتَغْفِرُونَهُ. وَأَمَّا اللَّتَانِ لَا غِنًى بِكُمْ عَنْهُمَا: فَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَتَعُوذُونَ بِهِ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ أَشْبَعَ فِيهِ صَائِمًا، سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لَا يَظْمَأُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ.
صحة حديث رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار
يتداول الكثير من الناس كل عام في شهر رمضان حديث رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، وينتشر بصورة كبيرة بين رواد التواصل الاجتماعي، وهم لا يدرون صحة الحديث من عدمه.
- عندما قام ابن خزيمة بإخراج الحديث في كتابه في باب فضائل رمضان فقد صنفه تحت عنوان “إن صح الخبر” وهذا دلالة على عدم تيقنه من صحة الحديث.
- وقال البخاري أن هذا الحديث ضعيف لا يُحتج به.
- وقد ورد عن ابن باز أن هذا الحديث منكر وضعيف ولا يجب تداوله بين الناس، وذلك لأن رحمة الله واسعة تنزل على عباده في كل وقت، والله يغفر ذنوب عباده آناء الليل والنهار، ومن يجتهد ويزيد من العبادات والطاعات خاصة في شهر رمضان فالله يكفر ذنوبه ويعتق رقبته من النار بفضله ورحمته بالعباد،وفضل الله على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار لا يمكن أن تقسم على شهر رمضان بهذه الصورة
- فيما ضعّف هذا الحديث الشيخ الألباني وقال إنه حديث ضعيف ومنكر.
أحاديث موضوعة عن شهر رمضان
هنالك بعض الأحاديث الموضوعة عن شهر رمضان يتداولها البعض ولا يعرف مدى صحتها، سواء كان جاهلاً بالأمر أو متعمداً لنشر ما يسيء للإسلام، ومن الواجب على المسلم التفقه في الدين الإسلامي والتزود من العلم ومعرفة الأحاديث الصحيحة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند صحيح، ونشرها بين المسلمين ليعرفوا دينهم على الصورة الصحيحة، وفيما يلي بعض الأحاديث الموضوعة عن شهر رمضان:
- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ قَالَ: “اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ، وَشَعْبَانَ، وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ”.
- “اغْزُوا تَغْنَمُوا، وَصُومُوا تَصِحُّوا، وَسَافِرُوا تَسْتَغْنُو”.
- “شهرٌ أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار”.
- “الصائمون ينفخ من أفواههم ريح المسك، ويوضع لهم مائدة تحت العرش”.
- “نوم الصائم عبادة، وصَمْتُه تسبيح، وعمَلُه مضاعف، ودعاؤه مستجاب، وذنبه مغفور”.
- “من أفطر يومًا من رمضان في غير رُخْصة رخَّصها الله له، لم يَقْض عنه صيامُ الدهر كلِّه، وإنْ صامه”.
- “من صلى العشاء الآخرة في جماعة من رمضان فقد أدرك ليلة القدر”.
كل هذه الأحاديث موضوعة ولا صحة لها وسندها ضعيف ومنكرة ولا يجوز الاحتجاج بها، ويأثم من يتداولها وهو يعلم بعدم صحتها.
أحاديث شريفة عن شهر رمضان
ورد في كتب الحديث العديد من الأحاديث الشريفة الصحيحة والمسندة بسند صحيح عن شهر رمضان وفضائله، والتي تداولها الصحابة والتابعين ودونت في كتب الأحاديث ومن أشهرها: صحيح البخاري، ومسلم والنسائي وغيرهم، نذكر بعضاً منها كالتالي:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين» (رواه مسلم).
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة” (رواه البخاري ومسلم).
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين، ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة» (رواه الترمذي وصححه الألباني).
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» (رواه البخاري ومسلم).
- عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة بابًا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل معهم أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيدخلون منه، فإذا دخل آخرهم، أغلق فلم يدخل منه أحد» (رواه البخاري ومسلم).
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث يومئذ ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله، يوم القيامة، من ريح المسك» (رواه البخاري ومسلم).
- عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيُشفَّعان» (رواه أحمد وصححه الألباني).
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة صحيحة عن شهر رمضان الكريم وفضائله، وعلى المسلمين أخذ ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الشريفة والأحاديث النبوية وترك ما هو ضعيف ومنكر، وفي مقالنا وضحنا صحة حديث رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، فقد ثبت أنه ضعيف ومنكر.