حكم الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، شهر رمضان هو ذاك الشهر الفضيل الذي ننتظره من العام إلى العام لننهل من خيره، شهر جعله الله -تعالى- ملاذًا للقلوب المتعبة؛ لتلجأ إلى ربّها بالدعاء والاستغفار والعمل الصالح، ولتجدد النيّة مع الله في شهر الخير، فيه العشر الاواخر هذه الأيام المباركة التي يتضرع فيها العبد بالخشوع والدعاء والاستغفار وقراءة القرآن الكريم الي ربه .
حكم الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
يفرح المسلمون بقدوم شهر رمضان المبارك، فهو شهر الخير وشهر المغفرة وشهر القرب من الله سبحانه وتعالى، وفي شهر رمضان المبارك يسارع المسلمون الى فعل الخير والقرب من الله-سبحانه وتعالى-، وقراءة القرآن وقيام الليل وذلك لأنّ الله-سبحانه وتعالى- يضاعف الأجر والثواب في شهر رمضان المبارك، والعشر الأواخر من شهر رمضان هي أيامٌ مفترجة وأيام مباركة، وفي العشر الأواخر ليلة القدر، وليلة القدر هي ليلةٌ خير من ألف شهر، ويستجاب في الليلة المباركة الدعاء وتغتفر الذنوب، وليلة القدر هي الليلة التي أنزل الله-سبحانه وتعالى- فيها القرآن الكريم على نبيه محمد-صلى الله عليه وسلم-، لذا فهي ليلة مباركة لها أجر وثواب كبير، ومع اقتراب العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، فإنّ جميع المسلمون يهلمون إلى استغلال هذه الأيام الفضيلة في الاعتكاف وقراءة القرآن والدعاء والذكر والتسبيح وقيام الليل، والكثير منّا يسأل عن حكم الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، والاجابة هي أنّ حكم الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان هي سنة مؤكدة عن النبي محمد-صلى الله عليه وسلم-، فقد كان عليه السلام يعتكف في العشر الأواخر من شهر رمضان من كل عام، إلا في العام الذي توفي فيه فإنّه اعتكف عليه أفضل الصلاة والسلام عشرين يوماً، حيثُ قال أبو هريرة-رضي الله عنه-: أنّه كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذى قبض فيه اعتكف عشرين يوما، والاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان لا يكون الا في المساجد، حيثُ قال الله-سبحانه وتعالى-:( وأنتم عاكفون في المساجد)، والمسلم الذي نو على الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان في المساجد لا بد وأن يكون قد أمّن أهله بيته من المأكل والمشرب وجميع ما يلزمه كي لا يحتاجون أحداً في فترة غيابه عن المنزل.
شروط الاعتكاف
الاعتكاف هو سنة مؤكدة عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، ولاعتكاف المسلم شروط وهي:
- الاسلام: يجب أن يكون الشخص المعتكف مسلماً، فإنّه لا يصح الاعتكاف للشخص الكافر أو غير المسلم.
- الطهارة: من تعتكف من النساء يجبوأن تكون طاهرة من الحيض وطاهرة من النفاس، والطهارة من الجنابة في المذهب الجنفي والمذهب المالكي شرطاً من أجل البقاء في المسجد، وليس شرطاً لصحة الاعتكاف.
- العقل: يجب أن يكون المعتكف عاقلاً، فلا يصح الاعتكاف لغير العاقل.
- البلوغ والتمييز: يجب أن يكون المعتكف بالغاً يميز الصواب من الخطأ، والاعتكاف جائز للرجال والنساء أيضاً.
كيفية الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
والاعتكاف يأتي بمعنى بقاء المعتكف في المسجد، بحيثُ ينوي المعتكف مدة اعتكافه، فقد ينوي أن يعتكف ساعة، فلا يخرج من المسجد قبل أن يعتكف في تلك الساعة التي نواها، وقد ينوي المعتكف أن يعتكف طوال العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، فلا يخرج من المسجد قبل انقضاء العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وتبدأ العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك بدءاُ من غروب شمس ليلة اليوم العشرين من شهر رمضان الفضيل، وينتهي آخر يوم في الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان الفضيل في غروب شمس ليلة العيد، وفي الاعتكاف يقوم المسلم بالاكثار من الطاعات والعبادات والذكر، فهو لم ينقطع عن أهل بيته الا من أجل الطاعة والتقرب من الله -عزوجل-، فالمعتكف يحرص على أداء جميع العبادات والطاعات وقراءة القرآن والصلاة وغيرها من العبادات التي شرعها الله-سبحانه وتعالى- على عباده.
حكم الاعتكاف للرجل وللمرأة
الاعتكاف هو لزوم المعتكف المسجد من أجل أداء الطاعات والعبادات والتقرب من الله عزوجل، وحكم الاعتكاف للرجل بأنّه سنة، ولا يكون الاعتكاف واجباً على الرجل الا الذي نذر ذلك، أما تحديد حكم الاعتكاف للمرأة فاختلف الفقهاء والأئمة في تحديد حكم الاعتكاف للمرأة، فمنهم من قال بأنّ الاعتكاف هو سنة للمرأة، وبأنّ مثلها مثل الرجل، والرأي الآخر وهو رأي القاضي من الحنابلة قال بأنّ الاعتكاف هو مكروه للمرأة الشابة، وبشكلِ عام فإنّ حكم الاعتكاف في العشر الأواخر في رمضان هو سنّة عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
سنن الاعتكاف وآدابه
يجب على الشخص المعتكف أن يحرص على تطبيق السنة في أداء اعتكافه، وفي اخلاص النية لله عزوجل، ويحرص في اعتكافه على أن يتكلم في الخير، وأن يقوم بالاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وأن يقوم باختيار أفضل المساجد من أجل أن يؤدي اعتكافه فيها، غير ذلك فإنّه يجب على المعتكف أن يلتز بسنن الاعتكاف وآدابه، وأما سنن الاعتكاف فهي:
- أن يكون الشخص المعتكف حريص على التهيؤ للصلوات، وذلك لأدائها في تمام وقتها.
- وأن يحرص المعتكف على التقليل من النوم والتقليل من الكلام والتقليل من الطعام، وذلك حتى يكن الوقت الأكبر في الاعتكاف لأداء العبادات لوجه الله تعالى، ومن أجل زيادة الخشوع والبر.
- أن يحرص المعتكف عل أن يكن طاهراً طوال اعتكافه.
- أن يحرصَ المعتكف على تقديم الخير، وعلى الصبر، وعلى تذكير من اعتكف منهم بالبر والتقوى واخلاص العباد لله الواحد الأحد.
- أن يستحضر الشخص المعكتف نية الاعتكاف لله وحده، وأن يحتسب أجر الاعتكاف وثوابه عند الله جل جلاله.
- أن يستشعر المعتكف الحكمة من اعتكافه، وهي الانقطاع من أجل العبادة والقرب من الله والاخلاص لله، وأن يخلص النية لله تعالى، .
- ألا يخرج المعتكف من مكانه الا للحاجة.
- أن يحافظ الشخص المعتكف على السنن اليومية، وقراءة أذكار الصباح والمساء، ويؤدي المعتكف كافة العبادات المختلفة من قراءة القرآن والذكر والتسبيح والصلاة وطلب العلم، وذلك كي لا يصيبه الفتور.
مبطلات الاعتكاف
وهنالك عدة أمور تبطل الاعتكاف وتفسده إن فعلها الشخص المعتكف أو وقع فيها وهي:
- الجماع: والجماع يبطل اعتكاف المسلم ويفسده، حيثُ قال تعالى:( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد).
- الردة: الردة تبطل جميع العبادات المشروعة وليس الاعتكاف فقط، لأنّه من شرط قبول أي عبادة من العبادات المشروعة هي اسلام المرء وليس جحوده.
- الجنون والاغماء: وفي الجنون والاغماء اختلف رأي العلماء والفقهاء فيه، فمنهم من قال بأنّه يفسد الاعتكاف، ومنهم من أجمع على أنّه لا علاقة له ببطلان الاعتكاف أو افساده.
- قطع نية الاعتكاف: واختلف الأئمة والفقهاء حول من قطع نية الاعتكاف، فمنهم مع قال بأنّ قطع نية الاعتكاف تبطل الاعتكاف وتفسده، ومنهم من قال بأن الاعتكاف يفسد إن عزم على الخروج من المسجد وكان يتردد في نيته فهذا يفسد اعتكافه، وفي المذهب الشافعي أجمعوا على عدم فساد الاعتكاف بمجرد وجود النية فقط للخروج من المسجد.
- السُكر: السكر يفسد الاعتكاف، حيثُ قال تعالى:( ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى).
وفي نهاية مقالنا نكون قد أوردنا اجابة سؤال حكم الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، وهو سنة عن النبي محمد-صلى الله عليه وسلم- حيثُ أنّه عليه السلام كان يعتكف في كل رمضان في العشر الأواخر منه، إلا في عام وفاته اعتكف عشرين، ووضحنا حكم الاعتكاف للرجل والمرأة، كما بينّا آداب الاعتكاف، ومبطلاته، والاعتكاف يعني لزوم المسجد من أجل أداء العبادات المختلفة والقرب من الله جل جلاله.