من هو النبي الذي بعث الى مدين، وقام بدعوتهم إلى دين الله تعالى، ليخرجهم من الظلمات إلى النور، فقد كان قوم مدين من الأقوام الذين انتشر الفساد والظلم بينهم، فقد كانوا يبخسون الميزان، ولا يوفون الوزن، كما أنهم كانوا يأخذون أموال الناس ويأكلونها بالباطل، لذلك بعث الله لهم نبيا ليكون هو الدليل والمرشد لهم لترك ما هم عليه، والإيمان برب كل شيء وهو الله تعالى، لكن كانت حجتهم أنهم لم يتركوا دين آبائهم وأجدادهم، يعبدون ما دعاهم إليه نبي الله، لذلك ومن خلال مقالنا هذا سنقدم لكم من هو النبي الذي بعث إلى مدين، وما هي قصة قوم مدين بالكامل مع نبي الله الذي أسله لقوم مدين.
من هو مدين عليه السلام
كانت هناك قرية قريبة من قرى قوم لوط عليه السلام يقطنها ويسكنها قوم يدعو بقوم مدين، فهم يعودون في الأصل إلى بني مدين بن مديان بن إبراهيم عليه السلام، وهو ثالث أبناء إبراهيم النبي من زوجته قطورة التي تزوجها بعد وفاة زوجته الأولى سارة، ومن أخوته: يقشان وزمران وشبياق ومييان و شوحا، فقد كان هذا القوم يسعون في الأرض فسادا، فقد عرف عنهم أنهم لا يوفون بالميزان، كما وأنهم يأخذون أموال الناس بالباطل، ويكفرون بالله تعالى، فقد أرسل الله تعالى لهم نبيا منهم، يدعوهم إلى عبادة الله تعالى، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ويأخذ بيدهم لترك الظلم والحرام والابتعاد عنه، لكنهم كذبوا نبيهم، ولم يتبعوا معه عبادة الله تعالى، بحجة أنهم لا يريدون ترك ما ألفوا عليه آبائهم وأجدادهم ، فقد لاقوا بسبب كفرهم وعنادهم أشد أنواع العذاب من الله تعال، وسنتعرف عليه من مقالنا.
من هو النبي الذي بعث الى مدين
قوم مدين يعودون في نسبهم إلى مدين بن إبراهيم عليه السلام، والذي من نسله النبي الذي أرسله الله تعالى لأهل مدين حتى يتركوا الظلم والفساد والكفر والطغيان وعبادة الله تعالى، وهو :
النبي شعيب عليه السلام، فقد لقب شعيّب بخطيب الأنبياء، فقد وهبه الله أسلوباً بليغاً في الحوار والمخاطبة، كما عرف بلين قوله، حيث دعا قومهم مبينا لهم الأدلة والبراهين أنه نبي الله الذي أرسله الله لهم، ليشقوا طريقهم بالدخول في عبادة الله تعالى، حيث بين لنا القران الكريم الحوار الذي دار بين مدية والنبي شعيب عليه السلام وهو: قال تعالى:(وَإِلى مَديَنَ أَخاهُم شُعَيبًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ قَد جاءَتكُم بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكُم)، فأمرهم ترك الكفر والظلم الذي يقومون به، ولكنهم قابلوه ذلك بالكفر والجحد والعناد، حجة بأنهم لا يريدون ترك دين آبائهم وأجدادهم، حيث حذرهم نبي الله شعيب أن يبتعدوا عن ظلم الناس وسلب أموالهم، فهم أول الأقوام ارتكاب هذا الظلم والفساد، وقد بين لهم نبي الله شعيب أن الله تعالى سوف يعبهم بالعذاب الأليم بسبب أفعالهم هذه، وحذّرهم بأنْ ذَكَر لهم مصيرهم إنْ خالفوا ما يدعوهم إليه، فيَحلّ عليهم الفقر، وتُمنع البَركة فيما يملكون، إضافة إلى ما لهم من عذاب الآخرة، كما ذكّرهم بنعم الله -تعالى- عليهم، وأخبرهم أنّ ما يَحصلون عليه من الربح عندما يحرصون على إيفاء الميزان والصّدق؛ خيرٌ لهم مما يحصّلونه بخلاف ذلك، لأنّ الحلال فيه البركة وإن كان قليلاً، فاستهزؤوا به وبصلاته، وكانت حُجّتهم الأولى أنّهم لن يتركوا دين آبائهم وأجدادهم، فنالوا بسبب ذلك العذاب الشديد من الله تعالى، حيث سنتعرف على عذاب أصحاب الأيكة وهم قوم مدين.
ما هو عذاب أصحاب الأيكة
أصحاب الأيكة هو وصف لأهل مدين، ذكر في القران الكريم، وكان السبب من استخدام لقب أصحاب الأيكة على أهل مدين، لكثرة النعم التي منحها الله تعالى لأهل مدين، فكلمة الأيكة تعني الشجرة، فقد كانت أرض مدين تتميز بكثافة أشجارها وبساتينها الملتفة الكثيفة، ولكن أهل مدين لم يحافظوا على النعم ويشكروا الله تعالى على هذه النعم، ويستجيبوا لنبيهم شعيب عليه السلام ويدخلوا في دين الله تعالى، فقد أنزل الله تعالى على قوم مدين أنواع من العذاب الأيم، فقد أسكن الهواء عليهم سبعة أيّام، فشعروا بالحرّ الشديد الذي لم ينفع معه ظلّ ولا ماء، فخرجوا من ديارهم، باحثين عن ظلّ وراحة، فأرسل الله عليهم غيمةً عظيمةً، فسُعدوا بها، فتنادوا يستظلّون بظلّها، فلمّا أقبلوا جميعاً في مكانٍ واحدٍ أذن الله -تعالى- للظُّلل أن ترميهم بالشرار والنار، ثمّ جاءتهم رجفة عظيمة زلزلت الأرض من تحت أقدامهم، وألقت بجثثهم على الأرض ساكنةً لا حِراك لها، وزامن ذلك إرسال صيحة من السماء أسكتت أصواتهم، فكان هذا هلاكهم، ولقد مرّ بهم نبيّهم شعيب -عليه السلام- بعد ذلك، فعاتبهم، وقال لهم: (وَقالَ يا قَومِ لَقَد أَبلَغتُكُم رِسالَةَ رَبّي وَنَصَحتُ لَكُم وَلـكِن لا تُحِبّونَ النّاصِحينَ).
وبذلك نكون قد بينا لكم من هو النبي الذي أرسله الله إلى مدين، وبينا كيف يكون عقاب من بجحد وينكر عبادة الله تعالى، فعبادة الله سبحانه وتعالى تخرج الانسان من الظلمات إلى النور، وتجعل المسلم سويا بأخلاقه وقيمه ومبادئه، فتبعده عن الظلم والعدوان والفساد، وتجعل البركة في رزقه وماله وصحته، فقد جعل الله سبحانه قصة أهل مدين عبرة لأولي الألباب.