حكم الافطار متعمدا في نهار رمضان

حكم الافطار متعمدا في نهار رمضان، تربى الصحابة الكرام على هذا الشعار، وعاشوا بهذا الدعاء الخالد، فكانوا يسعون إلى رمضان شوقًا، ويطلبون الشهر قبله بستة أشهر، ثم يبكونه بعد فراقه ستة أشهر، في رمــضــان أغلق مدن أحقادك واطرق أبواب الرحمة والمودة فارحم القريب وود البعيد وازرع المساحات البيضاء في حناياك وتخلص من المساحات السوداء في داخلكل اللهم بلغنا رمضان”.

حكم الإفطار عمداً في رمضان

حكم الإفطار عمداً في رمضان
حكم الإفطار عمداً في رمضان

مع قدوم شهر رمضان المبارك يحرص المسلمون على السؤال والتوجه لاهل العلم ومعرفة الاجوبة الصحيحة، والابتعاد عن النواهي قد الامكان ومن ضم هذه الاسئلة:

  • ما هو حكم الافطار متعمدا في نهار رمضان؟

لا بدّ على المسلم من المحافظة والحرص على أركان الإسلام، ومنها صيام رمضان الواجب، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ)؛[١] فلا يجوز للمسلم أن يفطر في شهر رمضان إلّا لعذرٍ؛ من مرضٍ، أو سفرٍ، ونحو ذلك؛ فتعمّدَ إفطار يومٍ من رمضان بغير عذرٍ يُعدّ كبيرةً من كبائر الذنوب*[٢] التي تستوجب التوبة الصادقة، والإكثار من الاستغفار، والأعمال الصالحة، والندم على ما فات من التقصير، وقضاء ما أفطره سابقاً، وإطعام مسكينٍ عن تأخير كلّ يومٍ في قضاء صيامه إن لم يُقضَ في العام ذاته.
وفي سؤال اخر في نفس السياق:

  • ما حكم فطر يوم عمدا في رمضان، مع العلم أن ذلك من ثلاثة أعوام ولم أعلم الكفارة وقتها ولا مدى خطورة هذا الذنب. فهل علي أن أكفر عنه بعد ما علمت؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن الفطر في نهار رمضان بغير سبب شرعي كبيرة من الكبائر، وإثم عظيم يحرم الإقدام عليه، لأن تعمد الفطر انتهاك لحرمة هذا الوقت العظيم ومخالفة لأمر الله تعالى في قوله: … ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ …{البقرة: 187}.

قال الإمام الذهبي في الكبائر: وَعِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ مُقَرَّرٌ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ أَنَّهُ شَرٌّ مِنْ الزَّانِي وَمُدْمِنِ الْخَمْرِ بَلْ يَشُكُّونَ فِي إسْلَامِهِ وَيَظُنُّونَ بِهِ الزَّنْدَقَةَ وَالْإِلْحَادَ.

فالفطر في رمضان عمدا من كبائر الذنوب، وعلى من وقع في ذلك أن يتوب إلى الله تعالى بالندم والعزم الصادق على عدم الإفطار مستقبلا بغير عذر شرعي، وعليه المبادرة بقضاء ذلك اليوم, وإن كان فطره بالجماع فإنه يلزمه مع القضاء الكفارة, وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا عن كل يوم أفسد صيامه بجماع, وإن كان فطره بسبب أكل أو شرب أو نحوهما فالراجح أنه لا تلزمه الكفارة الكبرى، وإنما تجب عليه التوبة والاستغفار، وقضاء ذلك اليوم فقط, أو مع الكفارة الصغرى إن لم يكن له عذر في تأخير القضاء، وراجع في الكفارة الصغرى فتوانا،  ولا يسقط القضاء ولا الكفارة لطول المدة.

حكم كفّارة مَن أفطر عمداً في رمضان

حكم كفّارة مَن أفطر عمداً في رمضان
حكم كفّارة مَن أفطر عمداً في رمضان

ان الافطار متعمدا في نهار رمضان لحرام شرعا وفق ما قد جاء في القران الكريم، والسنة النبوية الشريفة، وسنتعرف اكثر على:

ما هو حكم كفّارة مَن أفطر عمداً في رمضان بغير الجِماع؟

تعدّدت آراء العلماء في كفّارة الفطر عمداً في نهار رمضان بغير الجِماع، حيث ان شيوخ المذاهب الأربعة  لدى بيان ذلك وتفصيل ذلك آتياً:

  • الشافعيّة: قالوا بعدم وجوب الكفّارة إلّا على مَن جامع في نهار رمضان، فلا كفّارة على من أَكلَ، أو شَرِبَ في نهار رمضان، ولو كان مُتعمّداً.
  • الحنفيّة: قالوا بوجوب الكفّارة على كلّ من أفطر في نهار رمضان؛ سواءً بالجِماع، أو الأكل، أو الشُّرب، ونحوهما من الأمور المباحة في الأصل، وحُرِّمت لعارض الصيام؛ استدلالاً بما جاء في السنّة النبويّة من أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أوجب الكفّارة على رجلٍ أفطر في رمضان، دون أن يذكر سبب الفِطْر، بشرط أن يُقصَد به التغذّي، أو التداوي من خلال الفم، أمّا ما لا يُقصَد به ذلك فلا كفّارة فيه، كبلع حجرٍ، أو ترابٍ، ونحوه، وكذلك الاستمناء أو المباشرة بين الزوجَين دون الفرج، ولو حدث الإنزال فلا كفّارة فيه أيضاً، ومقدار الكفّارة عندهم نفس مقدار كفارة الجماع؛ وقد رُوِي عن عطاء، والثوري، والزهري، والأوزاعي، وغيرهم: “إنّ الفطر بالأكل والشرب يُوجب ما يُوجبه الجماع”.
  • المالكيّة: قالوا بوجوب الكفّارة على مَن تعمّد الأكل، أو الشُّرب في نهار رمضان، أو تناول شيئاً يَصِل إلى الجوف، حتى وإن كان ممّا لا تحصل التغذية به، كالحصاة، ونحوها، كما تجب على مَن تعمّد القيء، أو ابتلع شيئاً منه ولو غلبةً، أو تعمّد الاستياك بقشر شجر الجوزاء فابتلعها ولو غلبةً، ومقدار الكفارة في ذلك نفس مقدار كفارة الجماع؛ لِما فيه من هتك حرمة الصيام، فصار كالجماع، ويُستثنى من ذلك النسيان، وما يصل إلى الجوف من طريق غير الفم، كالأُذن، والأنف، كما تجب الكفّارة على مَن تعمّد إفساد صيامه بالفِطْر، ثمّ مَرِض بعدها أو سافر، وعلى مَن عقد نيّة الفطر وبيّتها، واشترط المالكيّة لترتُّب الكفّارة ما يأتي: ألّا يكون إفساد الصوم مُتعلّقاً بصيام فريضة رمضان؛ فيخرج بذلك صيام القضاء، والنُّذور، والكفّارات، والنوافل. أن تتوفّر نيّة العمد في الفطر؛ فلا كفّارة على الخطأ، أو النسيان، أو مَن أصابه عذرٌ شرعيٌ أباح له الفِطْر، كالمسافر، والمريض. أن يكون مُختاراً؛ فلا كفّارةٌ على المُكرَه، أو الذي أفطر غلبةً وقهراً. أن يكون عالماً بالحُكم؛ فلا كفّارة على الجاهل بالحُكم، كقريب العهد بالإسلام، والجاهل بحُكم الإفطار في نهار رمضان، والجاهل بثبوت هلال شهر رمضان. ألّا ينتهك حُرمة شهر رمضان؛ فلا كفّارة على المُتأوِّل في إفطاره، كمن أفطر ناسياً، أو مُكرَهاً ولم يُمسك بقيّة اليوم، وكالمسافر مسافةً أقلّ من مسافة القصر فأفطر. أن يصل المُفطر إلى المعدة من الفم؛ فلا كفّارة على ما دخل من الأذن، أو العين، إلّا أنّه يُوجب القضاء، وأن يكون واصلاً من الفم إلى المعدة؛ فلو وصل إلى الحلق ثمّ ردّه الصائم، فلا كفّارة عليه.
  • الحنابلة: قالوا بعدم وجوب الكفّارة إلّا على مَن جامع في نهار رمضان؛ سواءً في الفرج، أو فيما دونه، بإنزالٍ أم دونه، عمداً وقصداً، أو سهواً.

حكم الكفّارة على من أفطر عمداً في رمضان

حكم الكفّارة على من أفطر عمداً في رمضان
حكم الكفّارة على من أفطر عمداً في رمضان

ان حكم الكفّارة لمَن أفطر عمداً في نهار رمضان بالجِماع ومقدارها وحكمها، حيث يتوجّب على مَن أفطر مُتعمّداً في نهار رمضان بالجِماع قضاء اليوم الذي أفسد صيامه، وأداء الكفّارة الواجبة التي بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- مقدارها في حديثه مع الأعرابي الذي أفسد صومه بالجماع، حيث أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال:

(بيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: ما لَكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي وأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ: لَا، فَقَالَ: فَهلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا. قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَكَثَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ أُتِيَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ -والعَرَقُ المِكْتَلُ- قَالَ: أيْنَ السَّائِلُ؟ فَقَالَ: أنَا، قَالَ: خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ به فَقَالَ الرَّجُلُ: أعَلَى أفْقَرَ مِنِّي يا رَسولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ ما بيْنَ لَابَتَيْهَا -يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ- أهْلُ بَيْتٍ أفْقَرُ مِن أهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى بَدَتْ أنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: أطْعِمْهُ أهْلَكَ).

وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الكفارة تجب بالترتيب لا بالاختيار كما ذهب إلى ذلك جمهور أهل العلم؛ بمعنى أنّه لا يجوز أن ينتقل أحدٌ من الكفارة إلى ما بعدها حتى يتحقّق عجزه عن أداء الكفّارة السابقة، وتفصيل الكفّارة الواردة في الحديث على الترتيب كما يأتي:

  • عتق رقبةٍ مؤمنةٍ: حيث يتمّ البدء بذلك؛ وهو تخليص رقبة وتحريرها من العبودية، فإن عجز عن ذلك؛ بأن لم يجد رقبةً أصلاً، أو وجدها بسعرٍ أكثر من ثمنها، أو لم يجد الرقبة لانتهاء الرقّ كما هو الحال في زمننا، انتقل إلى الكفّارة التي تليها.
  • صيام شهرين متتابعين: والتتابع المقصود أنْ يواصل صومه طوال الشهرين دون انقطاع، فإن قطعه لعذر شرعي، توجّب عليه المتابعة عند زوال العذر، ويبني على ما صامه قبل العذر، أمّا إن قطعه لغير عُذر شرعيّ، فقد وجب عليه البدء بصوم شهرين من جديد، فإن عجز عن الصوم لمَشقّةٍ شديدةٍ لا يمكن احتمالها، انتقل إلى الكفّارة التي بعدها.
  • إطعام ستّين مسكيناً: وقيمتها مُدٌّ لكلّ مسكين يُملّكه إيّاه من غالب ما يأكله أهل البلد؛ والمُدّ يساوي 750 غراماً، فإن عجز عن كلّ ما ذُكِر ، فإنّ الكفّارة تثبت في ذمّته، فإن استطاع فيما بعد، لزمه ما يقدر عليه؛ لأنّ الكفّارة حقٌّ من حقوق الله، فلزم أداؤها.

كفارة تعمد الأكل والشرب

كفارة تعمد الأكل والشرب
كفارة تعمد الأكل والشرب

كفارة تعمد الأكل والشرب اتفق العلماء على عدم وجوب الكفّارة على مَن أفطر بالأكل أو الشُّرب في رمضان، ناسياً، أو جاهلاً، أو مُخطئاً، إلّا أنّهم اختلفوا في وجوب الكفّارة في حقّ مَن أَكلَ أو شَرِبَ في نهار رمضان عامداً من غير عذرٍ، وذهبوا في خلافهم إلى قولَين، بيانهما على النحو الآتي:

  • القول الأوّل: قال الحنفيّة، والمالكيّة بوجوب الكفّارة بالأكل أو الشُّرب عمداً في نهار رمضان.
  • القول الثّاني: قال الشافعيّة، والحنابلة بعدم وجوب الكفّارة على الإفطار في رمضان بالأكل أو الشُّرب عمداً.

مع قدوم شهر الخير والرحمة والغفران، شهر رمضان المبارك، تكثر الأسئلة والاستفسارات بين كافة المسلمين والمسلمات، ممن يرجون قبول طاعتهم خلال صيام شهر رمضان المبارك، وقد تحدثنا في مقالنا هذا عن ما هو حكم الإفطار متعمدا في نهار رمضان المبارك؟ وقد تعرفنا الى اراء جمهور أهل العلم والفقه الإسلامي والأئمة العظام في ذلك.

Scroll to Top