شروط التوبة الصحيحة

شروط التوبة الصحيحة، ميز الله تعالى بنى أدم بنعمةِ العقل التي هي أداة الإدراك والتدبير والتفسير، ثم جعل العقل مناط التكليف وميزان الرشد، ألهمهُ توظيف خصائصه في الاختيار والتعايُش بين التسيير والتخيير، فيُصيبُ تارة ويُخطئ أخرى، عن أنس بن مالك رضيَ الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (كل ابن أدم خطاء، وخيرُ الخطائين التوابون)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم)؛ في الحديثين يُبين رسول الله عليه الصلاة والسلام ضعف الإنسان المجبول في خلقه واقباله على الدنيا وشهواتها فتميز بكثرة ذنوبه وإعراضه وغفلته، وهو أمر خارج عن سيطرته منكون في بشريته، وهذا طبع الآدمي يُقبل على الله تارة ويُدبر أخرى، ويراقب الله مرة وتسيطر عليه الغفلة مرة أخرى، لا يخلو من المعصية وليس بمعصوم عنها،فالإنسان مبتلى بذنوبه ومختبر بها، سوف نذكر لكم في هذا المقال شروط التوبة الصحيحة تابعونا.

التوبة

التوبة
التوبة

هي ترك المعصية والرجوع إلى الله عز وجل، فتُعد التوبة من الأمور التي أوجبها الله سبحانه على عبده في حال وقوعه في معصية ما، والتوبة من أعظم العبادات وأجلّها، وكفى التائب شرفاً أنه ينال رضا الله -سبحانه وتعالى- ومحبته، فقد قال تعالى في محكم كتابه الكريم: (إنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ويُحِبُّ الْمُتَطَهِّرينَ)،البقرة [222]، ومن رحمة الله تعالى بعباده، أنه جعل التوبة مفتاحاً لمغفرة الذنب كله مهما عَظُّم؛ فبالتوبة تُمحى السيئات وتتبدّل وبها ينال المسلم الفلاح في الدنيا والآخرة، فتكون سبباً في دخوله الجّنة ونجاته من النّار، وهي كذلك سببٌ للبركة ونزول الرحمات، ومما يجدر الإنتباه إليه، أن المسلم الذي يحرص على علاقته بالله عز وجل، لا ينقطع عن تجديد التوبة، ومما يدل على ذلك، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلُ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابونَ)، فكيف تكون التوبة، وكيف يكون الرجوع إلى الله تعالى.

شروط التوبة الصحيحة

شروط التوبة الصحيحة
شروط التوبة الصحيحة

إذا أراد المسلم الرجوع إلى ربه عز وجل، فلا حاجة لواسطة من الناس، بل يتوجه إلى الله تعالى مباشرة، بالوقوف بين يديه، فالله سبحانه يسمع كلامه ويجيب دعاءه، ومن فضل الله على الناس، أن باب التوبة مفتوح إلى أن تُشرق الشمس من مغربها أو تبلغ الروح الحلقوم، ومن كرم الله تعالى أنه يفرح بتوبة العبد، ويبسط يده بالنهار، ليتوب مُسيء الليل، ويبسط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، ولكن لا بُد من توفر شروط معينة حتى تكون التوبة صحيحة، ومن هذه الشروط مايلي:-

  • الإخلاص في التوبة لله تعالى بنيَّة سليمة لا تَشوبها المصالح ولا يُخالطها الرياء، ولا يُرادُ بِها سوى الله تعالى وُثوابهُ والنجاةِ من عذابه.
  • محاسبة النفس، والمُبادرةُ في للخير والإقلاع عن الذنوب، والإقبال على الطاعات.
  • إظهارُ الندم على ما أسلف العبدُ من ذنوب، واستِشعارِ الحَسرَةِ على إتيانها، والعزم على عدم الرجوع إليها.
  • ردُّ الحُقوق لأصحابها، وإبراء الذّمةِ إلى الله بِطلبِ العفوِ والمُسامَحةِ مِن أصحابِ المَظالِمِ التي استحلَّها مِنهُم، وأصحاب الحُقوق التي اغتنمها مِنهم.
  • أن تكون التوبة في فُسحةٍ من الوقت قبل أن يصل العبد إلى حال الغَرغَرةِ من الموت أو قبام الساعة، فإن هذه الظُروف الزمنية موقوفة فيها التوبة لخصوص مراحلها بعجز العبد وتيقنه بالهلاك، قال تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِئَاتِ حَتَّى إذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إنِّي تُبْتُ الآْنَ}، سورة النساء [18].
  • الصدق في التوبة ويكون ذلك في القلب، إذ إن القول وحده لا يكفي، إذا خالف القول ما في القلب، كانت تلك توبةً كاذبةً.

مفاتيح التوبة

مفاتيح التوبة
مفاتيح التوبة

هناك ثمة أمور تعين الإنسان على الاستمرار في التوبة، ومن هذه المفاتيح ما يأتي:-

  • مجاهدة النفس، فإذا كابد الإنسان نفسه ومنعها من المعصية، وألزمها طاعة الله تعالى، فُتحت عليه أبواب الخيرات، وتنزلت عليه البركات، وأصبح ما كان يكرهه محبوباً، والصعب سهلاً، والثقيل خفيفاً، فقد قال تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فيِنَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}، سورة العنكبوت [69].
  • قصر الأمل وتذكر الآخرة، إذ إنّ تذكر الجنّة وما فيها من نعيم مُقيم، والنار وما فيها من عذاب أليم، وفهم حقيقة الدنيا وسرعة زوالها، يدفع إلى المسارعة في التوبة وعدم الاسترسال في الشهوات.
  • محبة الله تبارك وتعالى، فيمتلئ القلب بمحبة الله تعالى، وذلك بالعلم النافع، والعمل الصالح، فإذا كان ذلك، أصبحت الطاعات سهلةً عليه، وابتعد عن الشهوات.
  • العلم، فالعلم يشغل الإنسان بالخير عن الشر، ويُستحب للتائب أن يتعلم أحكام التوبة وفضلها، ووجوبها، وعاقبة المعاصي وقبحها، وما يترتب عليها من الذل.
  • الصحبة الصالحة، لأن مصاحبة الأخيار تُنير الفكر وتُعين على الطاعة، وتُحيي القلب، وتُذكّر بالعيوب.
  • مجانبة الأشرار، إذ إنّ أصدقاء السوء يُخفون عن الإنسان عيوبه، ويُحسنون القبيح، ويُقبحون الحسن، ويُفسدون على المرء دينه.
  • استحضار فوائد ترك المعاصي، ومن هذه الفوائد ما يُحقّقه العبد في الدنيا كنعيم القلب، وانشراح الصدر، وقلة الهم والحزن، وتيسيير الرزق، وجعل مهابة العبد في قلوب الناس، وتسهيل الطاعات، واستجابة الدعاء، وبعد شياطين الإنس والجن، وقرب الملائكة الكرام من العبد، وأما في الآخرة، فالانتقال من سجن الدنيا إلى رياض الجّنة، ولقاء الملائكة بالبشرى.

إذاً فالإنسان قد يرتكب في حياته الكثير من الذنوب والمعاصي سواء كانت بقصد أو بغير قصد كبيرة كانت أم صغيرة، يجب على الإنسان المسلم  الذي يخاف الله عز وجل ويخشاه في جميع الحالات، وأيضاً يجب عليه أن يخشى عقابه في الدنيا والآخرة وأن يتوب ويرجع إلى الله وأن تكون توبة نصوحة صادقة نابعة من القلب، وعليه أن لا يعود بعدها إلى ارتكاب هذه الذنوب والمعاصي مرة أخرى، أعزائنا الكرام يمكنكم المشاركة معنا أو الاستفسار فيما يتعلق بالتوبة وبشروط التوبة الصحيحة، وذلك من خلال ترك تعليق أسفل المقال، اللهم ارزقنا توبةً نصوحة قبل الموت.

Scroll to Top