وابتدت أجمل ثلاثين يوم في السنة رمضان ، الحمد لله رب العالمين الذى هدانا لنعمة الإسلام، وكفى بها نعمة، أقترب الشهر الفضيل وأقتربت معه الرحمة والمغفرة والراحة والسكينة، فلإذا أتى رمضان لم يترك بيننا مهموم ولا ذي حاجة إلا قضاه الله له، فرمضان عيد القلوب وشهر غفران الذنوب، فالنحسن الاستقبال، وننوي الصيام والقيام ونكثر من الأعمال الطيبة، كالصدقة والبر والإحسان وإتاء ذي القربى فالعائلة هي الزخر في الكبر وفي المرض وفي الوهن، وفي الحاجة فصلة الرحم من أهم ما يجب أن تصل في كل الأيام خاصة في رمضان.
اقتراب بداية أجمل ثلاثين يوم في السنة
نجد كثير من المسلمين يرددون دائماً دعاء ” اللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين “، ومعنى ذلك أن لا نفقد من عائلتنا أو اصدقائنا أو أحبابنا أحداً ولا يفقدنا منهم أحد في رمضان، فأجمل صور لشهر رمضان هي المائدة الرمضانية مع الأهل والأحباب، وأيضاً صلة الرحم بين الأقارب، فيفرح المسلمين بقدوم رمضان وتبدأ التهاني بقدومه، يبدأ شهر رمضان بعد التحري برؤية الهلال، ويبدأ بصلاة التراويح، حيث يذهب المسلمون لصلاة التراويح في المسجد جماعة، فشهر رمضان يجمع بين الطاعة والعبادة والتقرب من الله تعالى، وتقوية الروابط والعلاقات الاجتماعية.
ثبوت رؤية هلال شهر رمضان
يثبت قدوم شهر رمضان برؤية الهلال في ليلة الثلاثين من شهر شعبان قبل بداية أول أيام شهر رمضان، واتمام شعر شعبان ثلاثين يوماً، عن ابن عمر قال: “تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أني رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه”، فرؤية الهلال هي تأكيد لقدوم أول أيام شهر رمضان المبارك، فاذا دخل الشهر وجب الصيام، وتختلف الدول الإسلامية فيما بينها على رؤية هلال شهر رمضان، فأغلب الدول لا يثبت عندها رؤية الهلال فلا يكون عندها صيام، وتكون نهاية رمضان أيضاً برؤية الهلال، فبداية ونهاية رمضان تكون بثبوت رؤية الهلال.
لماذا فرض الله صيام شهر رمضان
صيام رمضان من أركان الاسلام الخمسة، وهو فرض يؤثم تاركه، وهو مذكور في القرآن الكريم، قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”، حيث فرض الله الصيام لعدة أسباب وهي:
- الصيام وسيلة لتهذيب النفس البشرية.
- يعود الإنسان على محاربة شهواته ورغباته.
- الصيام يعود الإنسان على تحمل صعوبات الحياة.
- الصيام يجعل الإنسان سيد نفسه، ويحرره من تحكم شهواته فيه.
- الصيام ليس امتناع عن الطعام والشراب فقط، ولكن التوقف عن الشهوات وكبح الرغبات الإنسانية وتهذيبها، والامتناع عن ارتكاب الذنوب والمعاصي.
- أجر صيام شهر رمضان عظيم، حيث يضاعف الله تعالى الاجر لعباده المؤمنين الصائمين.
- للصائم فرحتان فرحة عندما يفطر، وفرحة عندما يلتقي بربه سبحانه وتعالى في الحياة الآخرة، عن أبى هريرة ــ رضى الله عنه ــ أنَ النبى صلى الله عليه وسلم قال: للصائم فرحتان: فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه” رواه مسلم، فالصائم اذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه.
- ليشعر الغني بأخيه المسلم الفقير، فالصيام يعود المسلم على العطاء، والمشاركة في الحرمان الذي يشعر به الفقراء في حياتهم.
عادات جميلة في رمضان
شهر رمضان من أجمل شهور السنة، ففيه الكثير من أعمال الخير ومظاهر الترابط والتكافل الاجتماعي، ويتميز بالألفة والعطاء والعطف على الفقراء، كإقامة موائد الافطار الجماعية، وتوزيع وجبات افطار على بيوت الفقراء، وتوزيع زكاة الفطر بعد اليوم السابع والعشرون في رمضان، ومن مظاهر الفرحة في رمضان أيضاً، تزيين البيوت والشوارع، وتنظيف المساجد وتزيينها بزينة رمضان استقبالاً لصلاة التراويح جماعة في المسجد وصلاة قيام الليل في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وأيضاً اجتماع الناس للاستماع للخطب الدينية ومجالس تلاوة القرآن في المساجد، ومن عادات هذا الشهر الكريم أيضاً، صلة الرحم، فيقوم الناس بزيارة أرحامهم وتهنئتهم بقدوم شهر رمضان، وكذلك اجتماع أفراد الأسرة حول مائدة الإفطار من العادات الجميلة في رمضان.
أجر الطاعات والعبادات في شهر رمضان
شهر رمضان هو شهر مبارك، فللعبادات أجر مضاعف في شهر رمضان عن أجرها في شهور السنة الأخرى، فيستغل الناس شهر رمضان في الاسراع للتوبة، والتقرب من الله تعالى سعياً للحصول على المغفرة والثواب، ومن أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه تعالى هي :
- ذكر الله تعالى والدعاء، من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه سبحانه وتعالى وخاصة في شهر رمضان، قال تعالى ” والذاكرين الله كثيراً والذاكراتِ أعدّ الله لهم مغفرةً وأجراً عظيماً”.
- الصلاة، من الصلوات التي كان الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) يحث عليها أصحابه في شهر رمضان، صلاة التراويح وصلاة قيام الليل فلها أجر مضاعف وتُكفّر الذنوب.
- قراءة القرآن الكريم، كان النبي – عليه الصلاة والسلام- يُكثر من قراءة القرآن في رمضان.
- الزكاة، الزكاة من أركان الإسلام، ويجب على المسلم أن يُخرج زكاته في شهر رمضان لما لها من أجر مضاعف، وقد كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يُكثر من الصدقة في رمضان، قال ابن عبّاس: “كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ يَلْقاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ فيُدارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ”، وكذلك فرض الله زكاة الفطر بعد اليوم السابع والعشرون في نهاية شهر رمضان وقبل عيد الفطر.
- صلة الأرحام، يجب على المسلم أن يصل أرحامه، بزيارتهم وتفقد أحوالهم، فهي من أسباب زيادة الرزق والبركة في الوقت، قال رسول الله -صلى الله عليه- ” من أحب أن يُبسطَ له في رزقه، ويُنسأَ له في أثَرِه، فَليَصِل رَحِمَهُ”.
- إحياء ليلة القدر، ليلة القدر من الليالي المباركة في شهر رمضان، ففيها أنزل الله القرآن عل نبيه محمد – عليه الصلاة والسلام-، قال تعالى: “إنا أنزلناه في ليلة القدر”، يضاعف الله الحسنات في ليلة القدر فالعبادة فيها خير منه في ألف شهر مما سواه، قال تعالى: ” ليلة القدر خير من ألف شهر “،وإحياء ليلة القدر سبباً لمغفرة الذنوب وتيسير الأمور وتعظيم الأجور.
- الاعتكاف، هو المكوث في المسجد للعبادة والتقرب من الله تعالى في الليل أو النهار ولا يستحب أن يخرج المعتكف من مُعتكَفه إلا لحاجة، فالاعتكاف يكون واجباً حال النذر، ويُسن الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، لما فيه من صون النفس عن المنهيات وحثها على عمل الطاعات، فقد ورد عن الرسول -عليه الصلاة والسلام-، أنه كان يعتكف في المسجد في رمضان وغيره من الشهور، قالت عائشة -رضي الله عنها-: ” أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يعتكف العشر الأوآخر من رمضان حتى توفاه الله”.
- العُمرة، يعد أداء العمرة في رمضان أفضل من القيام بها في غيره، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” إن عمرةً في رمضان حَجّة”.
على المسلم اغتنام شهر رمضان في التقرب من الله سبحانه وتعالى، وترك المعاصي والآثام، لما لهذا الشهر من بركات وفضائل، قد بيناها في مقالنا هذا وابتدت أجمل ثلاثين يوم في السنة رمضان، وكل عام والأمة العربية والإسلامية بألف خير.