هل المسلمون يرون اهوال يوم القيامة وهل ينجون منها، الإيمان باليوم الآخر من أركان الإيمان الستة التي وردت في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، لذلك يجب أن يؤمن المسلمون بيوم القيامة، وأن يعمل في دنياه ما ينجيه من أهوال يوم القيامة، وما يجعله يفوز بالفوز العظيم في الدر الآخرة، فقد قال الله عز وجل: “مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ”، فقد وعد الله عباده المؤمنين بالأجر والثواب العظيم، وذلك بسبب إيمانهم بالله وتصديقهم لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا يجعل الإجابة واضحة وبسيطة جداً على سؤال هل المسلمون يرون اهوال يوم القيامة وهل ينجون منها.
هل المسلمون يرون اهوال يوم القيامة وهل ينجون منها
أرسل الله الرسل والأنبياء للأقوام السابقة من أجل هدايتهم إلى طريق الحق، ودعوة الناس إلى التوحيد والإيمان بالله، وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والرسل، الذين جاء لدعوة الناس لاتباع الدين الإسلامي وترك عبادة الأصنام والشرك بالله، فمن آمن بالله والرسل وما جاءوا به فقد وعدهم الله بالفوز العظيم، أما من أبى واستكبر فأولئك لهم عقاب عند الله عز وجل، فيكون نصيبهم يوم القيامة كالتالي:
- فإذا كانت القيامة برقت الأبصار من الهول وشخصت، فلا تطرف كما قال تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ [إبراهيم: 43]، من الخوف والفزع، وَخَسَفَ الْقَمَرُ[القيامة: 8]، يعني ذهب نوره وسلطانه، وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ[القيامة: 9]، لأنهما لم يجتمعا منذ خلقهما الله، فإن الله خلقهما خلق الشمس والقمر وكل واحد منهما في فلك يسبح فيه، فلم يلتقيا، كل في فلك.
- الآن جمع الشمس والقمر، كانت الشمس في النهار والقمر في الليل، جُمع الشمس والقمر، ويخسف القمر، وتكور الشمس، ثم يقذفان في النار؛ ليرى عباد الكواكب أنهما مسخران، فيكون في ذلك تبكيتاً لهم، و يَقُولُ الْإِنْسَانُ حين يرى هذه القلاقل المزعجة: أَيْنَ الْمَفَرُّ [القيامة: 10]، والخلاص والنجاة والفكاك مما أصابنا وطرقنا، كَلَّا لَا وَزَرَ[القيامة: 11]، فلا ملجأ لأحد دون الله: إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ[القيامة: 12].
- وقال : إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ [التكوير: 1 – 14].
- فلفت الشمس، وذهب ضوؤها، كورت لفت وذهب ضوؤها، والنجوم تناثرت فذهب نورها، والجبال سيرت عن وجه الأرض، فصارت هباءً منبثاً، والنوق الحوامل تركت وأهملت، والحيوانات الوحشية جمعت واختلطت ليقتص لبعضها من بعض، والبحار أوقدت فصارت ناراً.
- عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: الشمس والقمر مكوران يوم القيامة [رواه البخاري: 3200]، فهذا التكوير الذي أشار إليه ربنا بقوله: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ.
- وقد أخرج الطيالسي وأبو يعلى من حديث أنس : إن الشمس والقمر ثوران عقيران في النار [مسند الطيالسي: 2103، ومسند أبي يعلى: 4116]، وصححه الألباني [صحيح الجامع: 1643].
- عقيران: مقعوران، وأصل العقر ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف فيهوي، ثم استعمل توسعاً في القتل أو الهلاك، فالشمس والقمر يكونان كهيئة الثور ثوران عقيران الذي قطعت قوائمه ليهوي، فإذاً هكذا تهوي الشمس والقمر، يجمعان ويذهب ضوؤهما، ويكوران ويرمى بهما في النار.
- هل عقوبة للشمس والقمر؟ الجواب: لا؛ لأن الشمس والقمر ليس بمكلفين حتى يعاقبان، لكن هذا تبكيت وخزي لعباد الكواكب، الذين كانوا يعبدون الشمس والقمر في النار يجمع بينهم، وبين المعبود، فأي خزي أعظم من ذلك، عندما يرى عابد الشمس، وعابد القمر، وعباد الكواكب والنجوم، أن المعبودات التي كانوا يعبدونها في الدنيا ويعظمونها، وإذا أشرقت الشمس سجدوا لها، وإذا غربت الشمس سجدوا لها، عندما يرون أن هذه معهم في النار تهوي ثوران عقيران مكوران.
- وأخرج أبو يعلى من حديث أنس رفعه من حديث أنس وفيه: ليراهما من عبدهما، مثل ما قال الله -تعالى- في عباده: إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ [الأنبياء: 98].
- وأخرج ابن وهب في كتاب الأهوال عن عطاء بن يسار في قوله تعالى: وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ [القيامة: 9]، قال: يجمعانا يوم القيامة، ثم يقذفان في النار، قال الحسن: وما ذنبهما؟ فقال أبو سلمه: أحدثك في الرواية قال الحسن: وما ذنبهما؟ فقال أبو سلمه: أحدثك عن رسول الله ﷺ وتقول: وما ذنبهما! [ذيل طبقات الحنابلة: 1/75].
هل يفزع المؤمن من أهوال يوم القيامة
إن وعد الله للمؤمنين حق فلا هم يحزنون ولا يعذبهم الله، لهذا عندما يأذن الله بقيام الساعة، فإنه يرسل على المؤمنين والمؤمنات ريحاً تقبض أرواحهم فلا يرون أهوال يوم القيامة، ولا يبقى على وجه البسيطة سوى الذين استكبروا وكفروا بآيات الله، وهؤلاء عذابهم عند ربهم عظيم فتقوم عليهم الساعة، ويرون أهوال يوم القيامة ويصيبهم الخوف والفزع، ويكون حال المؤمنين يوم القيامة كالتالي:
- الله -تعالى يلطف- بعباده المؤمنين في ذلك اليوم، ولذلك هناك أناس في ظل العرش، وهناك أناس تضلل عليهم قراءتهم للبقرة وآل عمران؛ لأنه قال: تأتيان كغمامتان، أو غيايتان، أو فرقان من طير صواف، فتضللان على صاحبهما [رواه مسلم: 804].
- القراءة التلاوة هذه تأتي كالغمامة تضلل على صاحبها، فالناس يحتاجون جداً إلى ظل من هذا الكرب، من هذا العرق، هذا اليوم الطويل خمسون ألف سنة فيه هذه المواقف العظيمة، ومشاهد الحساب، وتطاير الصحف.
- هذا اليوم كم طوله على المؤمنين؟ هل هم فعلاً يكونون فيه كخمسين ألف سنة، أو أنه يختلف في الطول على حسب الإيمان والعمل الصالح؟
- عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: يوم يقوم الناس لرب العالمين، قال: مقدار نصف يوم من خمسين ألف سنة، فيهون ذلك على المؤمن كتدلي الشمس إلى أن تغرب، [رواه ابن حبان: 7333 ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب: 3589].
- تدلي الشمس يعني ميلانها إلى الغروب إلى أن تغرب، وهذا زمن يسير، في رواية أخرى روى الحاكم في المستدرك من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: يوم القيامة على المؤمنين كقدر ما بين الظهر والعصر [رواه الحاكم في المستدرك: 284، وصححه الألباني صحيح الجامع: 8193].
هل المسلمون يرون اهوال يوم القيامة وهل ينجون منها، عندما يأذن الله بقيام يوم القيامة فإنه يرسل على المؤمنين والمؤمنات ريحاً تقبض أرواحهم، فتقبض أرواحهم حتى لا يفزعون ولا يحزنون من أهوال يوم القيامة، فقد الله عز وجل بأنه “لا خوف عليهم ولا هم يحزنون”، فهذا وعد الله تبارك وتعالى للمؤمنين والمؤمنات.