قصة عائشة رضي الله عنها وحادثة الإفك، الذي اشتهر خبره وانتشر في المدينة المنورة لمدة تقارب الشهر، وقد كان عن عائشة رضي الله عنها التي لم تسمع به ولم تعلم أن هناك حديث يدور عنها. في حين أحست بتغيير في معاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، وقد خرجت يوماً فقابلت أم مسطح وهي تشتم ابنها فنهتها قائلة أتسبين رجلاً شهد بدر فقالت لها أم مسطح ما تحدث به الناس عنها وكان ذلك بتحريض من عبد الله بن أُبي بن سلول، الذي أثار قصة عائشة رضي الله عنها وحادثة الإفك.
حادثة الإفك وقصة عائشة رضي الله عنها
فيما روي عن عائشة رضي الله عنها أنه كان قد أقرع الرسول صلى الله عليه وسلم بينها وبين زوجاته الأخريات في أحد الغزوات التي غزاها فخرج سهمها، وفي طريق عودة الجمع من الغزوة نزلت عائشة لحاجة جعلتها تترجل من الهودج، وحين رجعت للهودج فقدت عقداً كانت تلبسه وقد أعارته لها أختها ولم تجده فعادت لتبحث عنه، وفي تلك الأثناء قام الرجال بحمل هودجها فوق البعير وهم يظنون أنها بداخله ومضت القافلة، وحين عودتها وهي تحمل عقدها الذي وجدته لم تجد القافلة، لكنها عادت على رحال الصحابي صفوان بن المعطل رضي الله عنه. ولما اتهمها أصحاب الإفك في شرفها قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ” وحينها أقسمت عائشة رضي الله عنها لرسول الله أنها بريئة.
حقيقة قصة عائشة رضي الله عنها
كان السبب وراء تخلف عائشة رضي الله عنها عن القافلة في غزوة بني المصطلق أنها ذهبت لتأتي بالعقد الذي أعارتها إياه أختها وقد وقع منها ونزلت لتبحث عنه، فعادت ولم تجد القافلة. وقد قام الصحابي صفوان بن المعطل وهو من خيرة الصحابة بحمل عائشة على بعيره بعدما عادت ولم تجد القافلة فنامت وغطت وجهها علهم يعودون ليبحثوا عنها كما ورد في السيرة، وقد رآها صفوان بن المعطل وعرفها فقد رآها قبل فرض الحجاب على نساء المسلمين. كما أن الله أراد أن يتأخر ليجدها وقد كان كثير النوم، ثم أخذها للمدينة حيث توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غطت عائشة وجهها ولم تكلم صفوان وركبت على دابته حتى وصلا المكان الذي ينزل به الجيش وقت الظهر.
رأي الرسول في حادثة الإفك
بقيت عائشة تبكي شهراً كاملاً ما سمعته من أم مسطح برغم تهدئة أمها لها، وقد كان رأي الرسول في حادثة الإفك أن ضاق ذرعاً بما تكلمه الناس عن زوجته وجاءها وقال لها:
“يا عَائِشَةُ، فإنَّه بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْممتِ بذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ، فإنَّ العَبدَ إذَا اعْتَرفَ بذَنْبِهِ، ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عليه”، ولم تجب عائشة إلا أنها طلبت من أمها وأبيها أن يجيباه فلم يستطيعا، فقالت لهم بيقين أن الله سيبرئها: “إنِي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ أنَّكمْ سَمِعْتمْ ما يَتحدَّثُ به النَّاسُ، ووَقَرَ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به ولَئِنْ قلتُ لَكُمْ إنِّي بَرِيئَةٌ، واللَّهُ يَعْلَمُ إنِّي لَبَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا، إلَّا أبَا يُوسُفَ إذْ قَالَ: “فَصَبْرٌ جَمِيلٌ، واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ”.
براءة عائشة
لقد أنزل الله براءة عائشة في كتابه الكريم فقد صبرت وتوكلت عليه فجاءها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لها أبشري يا عائشة فقد برأك الله وكانت التبرئة قوله تعالى في سورة النور:
“إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَـذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ” وحتى الآية العاشرة من سورة النور. وقد قالت عائشة بيقين البراءة وصفاء النية “ولكن والله ما كنت أظن أنَّ الله منزل في شأني وحياً يُتلى”.
ورد في سورة النور أول عشر آيات تبرئة قصة عائشة رضي الله عنها وحادثة الإفك، وقد كانت متوكلة على الله بصفاء نيتها في أن يظهر الله براءتها بوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو حلم ولم تتوقع أن ينزل فيها وحياً وآيات تتلى.