خطبة عن جبر الخواطر وتطييب النفوس، يُعد جبر الخواطر وتطييب النفوس خُلق إسلامي عظيم حيث يدل على نُبل النفس وعظمة القلب وسلامة الصدر، فالجبر كلمة مأخودة من أسماء الله الحسنى وهو (الجبار) فهذا الاسم يُطمئن القلب ويريح النفس فالله سبحانه وتعالى هو الذي يجبر الفقر بالغنى والمرض بالصحة والخيبة بالأمل والفشل بالنجاح والتوفيق والخوف بالأمن والحزن بالاطمئنان، فهو يتصف بالجبار من كثرة جبره لحوائج الخلق، في هذا المقال سوف نقدم لكم خطبة عن جبر الخواطر وتطييب النفوس حيث يُمكن إلقائها في خطبة يوم الجمعة يمكنكم ذلك من خلال متابعة السطور القادمة.
خطبة عن جبر الخواطر وتطييب النفوس
الحمد لله حمداً كثيراً الحمد لله على نعمة الإسلام، فيا رب لك الحمد ولك الشكر أنك جعلتنا من أمة محمد، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد في الأولين وفي الآخرين وفي كل وقت وحين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين.
أما بعد يا عباد الله؛ يقول الله تعالى في كتابه الكريم “ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار” أحبتي بالله جبر الخواطر وتطييب النفوس هو خُلق عظيم وصفة من صفات المؤمنين، وهو عبادة جليلة وسهلة وميسورة أمر بها الدين وتخلق بها سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ومن أسماء الله الحسنى وصفاته الجبار حيث جاء تفسير الجبار بمعنى العلي الأعلى والقهار الرؤوف الجابر للقلوب المنكسرة وللضعيف العاجز ولمن احتمى به ولجأ إليه، ومن صفات اسم الله الجبار في قول الله تعالى (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) هو الذي له صفة العلو على مخلوقاته، فسبحانه الجبار المتكبر، لن يستطيع أحد أن ينفعه أو يضره قهر الظلمة والجبابرة بجبروته، وهو من علاهم بعظمته ومجدهم.
آيات قرآنية عن جبر الخواطر وتطييب النفوس
لقد خلق الله البشر ليكونوا سنداً وعوناً لبعض، فجميع الأديان السماوية أشارت إلى أن يتحلى كل مسلم بصفة الإحسان، وجبر الخواطر من الصفات التي يجب أن يتجمل ويتحلى بها المسلم ويكون صاحب قلب نقي خالي من الكِبر والحقد والكراهية، وهنا نذكر ما ورد في كتاب الله من آيات تدل على جبر الخواطر وتطييب النفوس:-
- قال تعالى {فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } يوسف 15. فكانت هذه الآية لقلب يوسف لتثبيته والجبر بخاطره لما تعرض له من أذى وظلم من إخواته.
- قال الله تعالى “فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ” هذه توجيهات الله لرسولنا الكريم عندما كان صغيراً يتيماً آواه الله عز وجل، فيجب ألا تقهر اليتيم ولا تذله أبداً حيث نهى رسول الله عن نهر السائل والمحتاج.
- قال الله تعالى “ولسوف يعطيك ربك فترضى” فهذه تدل على عطاء الله الدائم والمستمر حتى يشعر الإنسان بالرضا، فهي رسالة توجه لكل مغموم، وتطييب خاطرهم بأن جبر الخواطر على الله.
حديث شريف عن جبر الخواطر وتطييب النفوس
جبر الخواطر تتجلى في خلق الفطرة السليمة والإنسانية الرحيمة والتي تحاول التخفيف عن كل صاحب هم أو ضيق أو انكسار أو شدة، حيث ورد في السنة النبوية عدة أحاديث عن جبر الخواطر وتطييب النفوس ومنها ما يلي:-
- عندما جاء فقراء المهاجرين مكسوري الخاطر، وقالوا: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نُصلِّي، ويصومون كما نصوم، ويتصدَّقُون بفضول أموالهم، قال: ((أوليس قد جعل الله لكم ما تَصدَّقون؟ إن بكل تسبيحة صدقةً، وكلِّ تكبيرة صدقةً، وكلِّ تحميدةٍ صدقةً، وكلِّ تهليلةٍ صدقةً، وأمرٌ بالمعروف صَدَقةٌ، ونهيٌ عن منكر صدقةٌ، وفي بُضْعِ أحدكم صدقةٌ))، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدُنا شهوتَه ويكون له فيها أجرٌ؟ قال: ((أرأيتُم لو وضعها في حرامٍ، أكان عليه فيها وِزْر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرٌ))، رواه مسلم.
- عن زيد بن أرقم رضي الله عنه: “أنه لَمَّا سمِع قول عبدالله بن أُبي لأصحابه، وكان بمعزلٍ عن جيش المسلمين، ولم يَأْبَهوا لذلك الغلام، فقال عبدالله المنافق لأصحابه: لئن رجعنا إلى المدينة ليُخْرِجَنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ، (أبلغ زيد عمَّه، وأبلغ العم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلمة خطيرة جدًّا، أرسل النبي عليه الصلاة والسلام لعبدالله بن أبي، جاء، وحلف، وجحد، قال زيد: فصدَّقَه رسول الله صلى الله عليه وسلم (وصار اللوم على زيد، كيف تنقل مثل هذا الكلام الخطير، أنت غلام لا تعلم، ماذا يترتَّب على مثل هذا الكلام)، قال زيد: فوقع عليَّ من الهمِّ ما لم يقع على أحدٍ، فبينما أنا أسير قد خفقتُ برأسي من الهم، (هذا غلام انكسر قلبُه وخاطرُه من جرَّاء ردِّ قوله، ولوم الناس له وهو صادق)؛ إذ أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرَك أُذني، وضحِك في وجهي، فما كان يسرني أنَّ لي بها الخلدَ في الدنيا)، وهو سبب نزول قول الله تعالى في سورة المنافقون: ( يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ) [المنافقون: 8]، سنن الترمذي.
أجمل ما قيل عن جبر الخواطر وتطييب النفوس في الخطب
عندمـا يكون الانسان على حافة الإنهيار يحتاج إلـى الحنان أكثر مـن حاجته الـى النصائح والعتب، وعنَدِما يقَتربِ منَا أحدهم ويُطلعنَا على أسراره بكل طيبة قلب، أقَل ما يمكننا أنَ نَقَدِمه له هو ألا نَجعله يُنَدم على ذلك، أجمل ما قيل عن جبر الخواطر وتطييب النفوس في الخطب:-
أجمل تطييب للخاطر وأرقى صورة للتعامل قال ابن قدامه -رحمه الله-: “وكان من توجيهات ربنا -سبحانه وتعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم، فكما كنت يتيماً يا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فآواك الله، فلا تقهر اليتيم، ولا تذله، بل: طيب خاطره، وأحسن إليه، وتلطف به، واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك، فنهى الله عن نهر السائل وتقريعه، بل: أمر بالتلطف معه، وتطييب خاطره، حتى لا يذوق ذل النهر مع ذل السؤال”. حفظكم الله.