هل صيام يوم عاشوراء سنة مؤكدة، يعد يوم العاشر من شهر مرحم في السنة الهجرية، من الأيام الفضيلة التي يصومها المسلمون، وهو من الأيام لمستحب صيامها عند اكثر أهل العلم، فشرع صيامه وذكرت الكثير من الأدلة في السنة النبوية التي تؤكد على صيام هذا اليوم وفضل والأجر والثواب المتحصلان من صيامه، ونتابع في السطور الآتية كافة الاستفسارات المطروحة من قبل المسلمون من كافة أنحاء العالم، لمعرفة الحكم الشرعي في صيام هذا اليوم، بالاضافة الى الأدلة التي تثبت ذلك وتؤكده، فلنتابع كي نرى هل صيام يوم عاشوراء سنة مؤكدة، أم أنه غير ذلك.
سبب صيام عاشوراء
جاء السبب الرئيسي الوارد في السنة النبوية من صيام يوم العاشر من محرم، وتشريع صيام عاشوراء، هو ان الله سبحانه وتعالى نجى نبيه موسى عليه السلام وبني إسرائيل، من جبروت فرعون وبطشه، فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قدم النّبي صلّى الله عليه وسلّم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجّى الله بني إسرائيل من عدوّهم، فصامه موسى عند مسلم شكراً فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فأنا أحقّ بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه.
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – يصومه، فلمّا قدم المدينة صامه، وأمر النّاس بصيامه، فلمّا فرض رمضان قال: من شاء صامه ومن شاء تركه) رواه البخاري ومسلم، وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – يقول: (إنّ هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم فمن شاء صام، ومن شاء فليفطر) رواه البخاري ومسلم.
هل صيام يوم عاشوراء سنة مؤكدة؟
يتساءل المسلمون عن حكم صيام اليوم العاشر من هر محرم، وهلي يجوز صيامه منفرداً دون صيام يوم تاسوعاء قبله أو صيام الحادي عشر من محرم بعده، والحرص على صيامه لما له من أجر وثواب عظيمين؛ فإنّه تكفير لذنوب العام الماضي، وذلك لما جاء في صحيح مسلم: (أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: يكفّر السّنة الماضية)، وجاء الرد على الاستفسار المطروح بشأن حكم صيام عاشوراء كالتالي:
- يقول الامام ابن باز رحمه الله: “نعم، سنة مؤكدة لكن لا حرج في تركها، مستحب، من صام فلا بأس ومن ترك فلا بأس، والسنة أن يصوم قبله يوم أو بعده يوم، العاشر والتاسع أو العاشر والحادي عشر.
- وأنه كان أول متأكداً فلما فرض رمضان صار مستحباً ليس بمؤكد، من صامه فله أجر ومن تركه فلا بأس.
صيام يوم عاشوراء يكفر ذنوب
من السنن الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان يوم عاشوراء ويدعو أثناء صيامه، ومن الأدعية المأثورة عنه عليه الصلاة والسلام؛ ” اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَجْعَلَ النُّورَ فِي بَصَرِي، وَالْبَصِيرَةَ فِي دِينِي، وَالْيَقِينَ فِي قَلْبِي، وَالْإِخْلَاصَ فِي عَمَلِي، وَالسَّلَامَةَ فِي نَفْسِي، وَالسَّعَةَ فِي رِزْقِي، وَالشُّكْرَ لَكَ أَبَدًا مَا أَبْقَيْتَنِي”.
- ولقد اختار الله تعالى من السنة الهجرية أشهرا حرما، فقال عزوجل في سورة التوبة: “إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم”، من هذه الأربعة، شهر الله المحرم أول شهر في السنة الهجرية.
- ان يوم صيام يوم عاشوراء له الفضل والثواب العظيم، يكفر الذنوب ويقرب العبد من ربه، ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (صيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله).
- وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة والله ذو الفضل العظيم .
- ويقول الفقهاء وكبار الأئمة أن صيام يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية؛ ولكن تكفير الذنوب الحاصل بصيام عاشوراء والمراد به هو “الصغائر” أما كبائر الذنوب فتحتاج توبة خاصة.
ما هي الذنوب التي يكفرها صوم عاشوراء؟
أكد علماء الاسلام أن تكفير الذنوب المراد بها في الحديث النبوي الشريف؛ المراد بها هي صغائر الذنوب، لافتاً الى أن الكبائر تحتاج من العبد الى توبة خاصة، وحول ذلك يقول النووي رحمه الله: يُكَفِّرُ ( صيام يوم عرفة) كُلَّ الذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ , وَتَقْدِيرُهُ يَغْفِرُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا إلا الْكَبَائِرَ.
ثم قال رحمه الله تعالى: ” إن صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ، وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ، وَإِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنْ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً كُتِبَتْ بِهِ حَسَنَاتٌ وَرُفِعَتْ لَهُ بِهِ دَرَجَاتٌ، وَإِنْ صَادَفَ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغَائِرَ، رَجَوْنَا أَنْ تُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ، المجموع شرح المهذب.
وضح العلماء كافة الأمور التي تبدو مبهمة للمسلمين، وقاموا بإثبات الأحكام بأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية، كي تبقى المسائل واجاباتها واضحة، وبهذا ننتهي من توضيح السؤال الوارد حول سؤال هل صيام يوم عاشوراء سنة مؤكدة، وما دل على ذلك.