متى استشهاد مسلم ابن عقيل

ﻛﺎﻥ ﺑﻨﻮ ﻫﺎﺷﻢ ﻣﻀﺮﺏ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ، ﻭﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻫﺎﺷﻢ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻦ ﻋﻘﻴﻞ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ،نشأ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺣﺠﺮ والده ﻋﻘﻴﻞ، ﻭحينما ﺗﻮﻓﻲ ﺃﺑﻮﻩ ﺭﻋﺎﻩ ﻋﻤﻪ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ، ﻓﺘﻠﻘﻰ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﻭ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪﺓ، وﺑﻌﺪ ﺃﻥ تعب ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺻﺎﺭ ﺍﺑﻨﻪ “ﻳﺰﻳﺪ” ﻣﺤﻠﻪ ﻣﻠﻜﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺰﻳﺪ ﺃﻳﻀﺎً ﺭﺟﻼ ﻓﺎﺳﻘﺎ ﻳﻘﺘﻞ ﺍﻷﺑﺮﻳﺎﺀ ﻭ ﻳﺄﺧﺬ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻇﻠﻤﺎ، ﻭ ﻳﺆﺫﻱ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﻓﻀﺎﻕ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ ﺑﻪ ﺫﺭﻋﺎ، ﻓﺎﺗﻔﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﻳﺰﻳﺪ، ﻭ ﺃﺭﺳﻠﻮﺍ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﻟﻴﻘﻮﺩﻫﻢ ﺿﺪ ﻳﺰﻳﺪ، وبناءً على كثرة الرسائل التي جاءت للحسين من أهل كوفة ﺃﺭﺳﻞ ﻣﺴﻠﻢَ ﺑﻦ ﻋﻘﻴﻞ ﻻﺳﺘﻄﻼﻉ ﺍﻷﻣﺮ، واختبار اخلاصهم،
بالرغم من أن ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺨﻠﺼﻴﻦ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺃﺭﺍﺩ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﺧﺮﺝ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻦ ﻋﻘﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭ ﻗﺪ ﺃﻋﻄﺎﻩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ ، ﺃﻣﺮﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﺒﺎﻳﻌﻮﺍ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻦ ﻋﻘﻴﻞ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ.
ﻭ ﻟﻤﺎ ﻭﺻﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﻪ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﻭﺭﺣﺒﻮﺍ ﺑﻪ ﻛﺜﻴﺮﺍ، ﻭ ﺟﺎﺀ ﻟﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻳﺒﺎﻳﻌﻮﻧﻪ، ﻓﻘﺎﻡ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﺈﺭﺳﺎﻝ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﻟﻴﺒﺸﺮﻩ ﺑﺬﻟﻚ.
ﻋﻴّﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ ﺣﺎﻛﻤﺎً “ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ”، عرف بضعفه، ﻓﻠﻢ يقدر على الحد من ﻣﺒﺎﻳﻌﺔ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻦ ﻋﻘﻴﻞ، ﻓﻘﺎﻡ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﺨﻠﻊ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻭ ﻋﻴّﻦ ﺑﺪﻟﻪ ﺭﺟﻼ ﺃﻛﺜﺮ قساوة ﻭﻫﻮ ﻋﺒﻴﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ، ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺑﻦ ﻋﻘﻴﻞ ﺍﺳﻤﻪ ” ﺷﺮﻳﻚ “، ﻳﺘﻈﺎﻫﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﻳﺰﻳﺪ، ﻓﻤﺮﺽ ﻳﻮﻣﺎ، ﻓﻌﺰﻡ ﺍﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺯﻳﺎﺭﺗﻪ .
ﺭﺃﻯ ﺷﺮﻳﻚ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﻓﺮﺻﺔ ﺛﻤﻴﻨﺔ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ، ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﻣﺴﻠﻢ  ﺃﻥ ﻳﺨﺘﺒﺊ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﺃﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻘﺘﻞ ﺍﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ، ﺟﺎﺀ الأخير ﺇﻟﻰ ﺷﺮﻳﻚ ﻭ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻦ ﻋﻘﻴﻞ ﻣﺨﺘﺒﺊ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺎﺏ، ﻭ ﻟﻤﺎ ﺟﻠﺲ ﺍﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ ﺃﺷﺎﺭ ﺷﺮﻳﻚ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﻔﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻬﺠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺴﻠﻤﺒﻦ ﻋﻘﻴﻞ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ! ﻛﺮﺭ ﺷﺮﻳﻚ ﺇﺷﺎﺭﺗﻪ ﻭ ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺮى ﺃﻥ ﻣﺴﻠﻢ ﻗﺪ ﺗﺤﺮﻙ ﻓﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻭﻟﻤﺎ ﺧﺮﺝ ﺍﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ ﻇﻬﺮ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﺴﺄﻟﻪ ﺷﺮﻳﻚ:ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﻘﻢ ﺑﻘﺘﻞ ﺍﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ، ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﺻﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ!، ﻓﺮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﺄﻥ: ﺃﺧﻼﻗﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺗﻤﻨﻌﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺪﺭ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﻋﺪﺍﺀﻫﻢ، وبالنهاية ﺃﻣﺮ ﺍﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ ﺟﻨﻮﺩﻩ ﺑﻘﺘﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻦ ﻋﻘﻴﻞ، ﻓﺼﻌﺪﻭﺍ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺬﻛﺮ ﺭﺑﻪ ﺛﻢ ﺗﻮﺟﻪ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺤﺠﺎﺯ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺛﻢ ﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﻘﺘﻠﻪ، ﻭ ﺭﻣﻮﺍ ﺟﺴﻤﻪ ﻣﻦ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ، ﺛﻢ ﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﺴﺤﺐ ﺟﺴﺪﻩ ﻭ ﺟﺴﺪ ﻫﺎﻧﺊ ﺑﻦ ﻋﺮﻭﺓ ﺑﻌﺪ ﻗﺘﻠﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺷﻮﺍﺭﻉ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ ﺑﻜﻞ ﻗﺴﻮﺓ.