ماهي صلاة الاوابين، يجهل الكثير من المسلمين بعض المعاني والمصطلحات الدينية، ويرجع ذلك لعدة أسباب أهمها قلة التفقه الديني، وصلاة الأوابين هي أحد تلك المصطلحات التي لا يعلم غالبية المسلمون تعريفاً لها، بل أن الكثيرين لم يسمعوا باسم هذه الصلاة من قبل، وقبل أن نعلم ما هي تلك الصلاة يجب أن نعلم أن تلك الصلاة سنة مؤكدة عن المصطفى صلوات الله عليه، وهذه الصلاة هي صلاة الضحى، ويرجع العلماء هذا التأويل المتفق عليه إلى عدة أسباب، منها اجتهادات كبار العلماء وأيضاً إلى ما الوصف الذي توارده التاريخ الإسلامي عن رسولنا الكريم لهذه الصلاة فهيا بنا لنعرف سوياً ماهي صلاة الاوابين.
من هم الأوابين
يبدوا أن مصطلح الأوابين يشبه إلى حد كبير مصطلح التوابين، ونشعر إذا تعمقنا أكثر أننا سوف نصل إلى تشابه كبير في المعنى، وبعد بحث مكثف ودراسة للجماعة التي يطلق عليهم هذه الكلمة، فالأوابين هو لفظ جمعي يطلق على جماعة من الناس تكثر التوبة والعودة إلى طريق الحق بعد تذكر ذنوبهم والندم على فعلها والتوبة النصوح منها، فتحدث عنهم عبيد بن عامر قائلاً الأواب فيما معناه هو الشخص دائم التذكر لذنوبه ثم يُتبع ذلك التذكر بالتوبة المتكررة، وقال عنه مجاهد، هو الشخص الذي إذا تذكر ذنوبه في الخفاء استغفر الله بنية التوبة منها، أما سعيد بن المسيب، فقال أيضاً عن الأواب هو الذي يذنب فيتوب فيذنب ثم يعيد التوبة وهكذا، وصلاة الأوابين هي صلاة الضحى ومأخوذة من لفظ أواب.
صلاة الأوابين بعد المغرب
للشافعية رأي آخر يختلف عن رأي جمهور العلماء فيما يتعلق بالموعد المحدد لتلك الصلاة، حيث يجمع غالبية العلماء أنها صلاة الضحى، وبالتحديد حين يرمض الفصال، وأرجعوا فتواهم إلى حديث الرسول الكريم عن هذه الصلاة في أحد الأحاديث النبوية واصفاً الموعد المحدد لتلك الصلاة وهو حين تشتد حرارة الشمس بحسب الحديث النبوي، وكما أسلفنا فإن للشافعية رأي مختلف، حيث يرى علماء الشافعية أن صلاة الأوابين هي صلاة تصلى بين المغرب والعشاء، واسترسلوا في شرح ميقات هذه الصلاة حيث قالوا أنه من المحبب تأدية صلاة مكونة من ست ركعت، بل أنهم حددوا ميقات هذه الصلاة ما بين صلاتي المغرب والعشاء، ويستند الشافعية في قولهم وتحديد موعد هذه الصلاة بعد المغرب وليست الضحى كما يجمع أغلب جمهور العلماء بحديث نبوي قال فيه صلوات الله عليه “من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن له عبادة اثنتي عشرة سنة”.
صلاة الأوابين عند الاحناف
أما الماوردي فقال عن النبي محمد “صلى الله وعليه وسلم” أن النبي كان يصليها ويقول هذه هي صلاة الأوابين، ويؤخذ من قول جمهور العلماء بمن فيهم من الأحناف والماوردي وما ورد عن هذه الصلاة من اجتهادات وأحاديث داعمة لبعض المواقيت التي تحدد الموعد الأقرب لإقامة تلك الصلاة أنها صلاة مشتركة بين الميقاتين، أي أنها تصلى وقت الضحى وتصلى أيضاً بين صلاة المغرب وصلاة العشاء، أما عن الشافعية فانفردوا وحدهم بتسمية الصلاة تطوعاً بين المغرب والعشاء بهذا الاسم، حيث قالوا أنها “تسن صلاة الأوابين” وأسموها صلاة الغفلة، وذلك لغفلة العباد عنها وانشغالهم بأمور غيرها كالعشاء والنوم وما إلى ذلك، وقالوا أنها عشرون ركعة تصلى بين صلاتي المغرب والعشاء، وفي الرواية الأخرى والأكثر انتشاراً أنها ست ركعات فقط.
مما لا شك فيه أن أداء الصلوات والتقرب إلى الله من أهم العبادات وأكثرها تقريباً لمنابع خير الواحد الأحد، فهمها اختلف العلماء على ميقات هذه الصلاة الصحيح وبحثوا واجتهدوا، فلن يقبل الله تلك الصلاة إلا لو كانت خالصة لوجه الله تعالى وبنية العبادة لا الرياء أو المناكفة الدينية، هذه الجدل القديم المتجدد حول ميقات هذه الصلاة هو ما جعلنا نشرح التفسيرات الكثيرة عن ماهي صلاة الاوابين.